تقوم فرقة أوديسا للمسرح بجولة فنية عبر عدد من مدن الجنوب بعرضها المسرحي الحساني “مراد شرتات”، خلال الأسبوع الأخير من شهر يوليوز الجاري، وتشمل المرحلة الأولى من الجولة مدينتي كليميم وأكادير يومي 27 و28 من شهر يوليوز الجاري.
ومسرحية “مراد شرتات” التي تندرج ضمن مشروع التوطين المسرحي لفرقة أوديسا تعد نتاج بحث في مجال الحكاية الشعبية الحسانية أثمرت تحويل عدد من المواقف والحكايات الطريفة إلى عمل مسرحي يحاول من خلاله المسرحيون المساهمة في جهود تثمين والمحافظة على التراث والثقافة الحسانية.
والمسرحية التي ألفها الكاتب علي لبراصلي، وأخرجها الدكتور عبد المولى محتريم، تعد أول عمل في مجال مسرح الشارع الاحترافي بالأقاليم الجنوبية يعتمد شخصية شرتات باعتبارها شخصية خيالية أسطورية من إبداع الذاكرة الشعبية، والتي ألصقت وأسندت إليها مجموعة من التصورات السلبية التي تسود داخل المجتمع كالجشع والشراهة والطمع والبلادة والمكر والخديعة، كما يتميز كذلك شرتات بلجوئه إلى الحيل والخروج من المواقف الصعبة عبر مجموعة من الطرق والحيل والأجوبة الماكرة. ولا تقف صفات شرتات عند هذا الحد بل تتجاوزها إلى صفات أخرى كاللصوصية والكذب وسرعة العدو حسب بعض الروايات الشفوية.
واعتبر علي لبراصلي مؤلف المسرحية، أن المجتمع الصحراوي يزخر كباقي المجتمعات بالعديد من الحكايات الشعبية التي تحفظها الذاكرة الشعبية وتتوارثها الأجيال عبر الحكي والسرد، “من هنا جاءتنا فكرة تدوينها وتوثيقها وتجسيدها عبر مسرحية حسانية اتخذت من حكايات أو “مراد” شرتات موضوعا لها. وهي شبيهة إلى حد ما بحكايات كليلة ودمنة.
وخلص لبراصلي الذي سبق أن كتب سيناريو مسلسل “عيشة أم النواجر” وسلسلة تلفزيونية تحمل اسم شرتات، إلى أنه “يمكن اعتبار أوديسا حققت السبق في تجسيد هذه الحكايات الشعبية بتقمص الممثلين لدور الحيوانات باعتبارها شخصيات الروايات الحقيقية كشرتات والفيل والأرنب وغيرهم، مما أضفى عليها جمالية وقدمت للجمهور مشاهد لم يألفها فجعلته يعيش لحظات حكواتية معبرة زادتها حبكة النص وأداء الممثلين والتقنيين والمشرفين جمالية، وأرضت فضول المتتبعين الذين صفقوا لها بحرارة طيلة ساعة ونصف الساعة تخللتها وصلات موسيقية ذات صلة بالموضوع”.
ومن جانبه اعتبر عبد المولى محتريم، مخرج المسرحية، أنه إخراج هذه المسرحية مكنه من اكتشاف المتن الحكائي الحساني والذي كان مبعثا على المتعة الثقافية الجميلة. مؤكدا “لقد كان أمر تحقيق حكايات “مْرَادْ شَرْتَاتْ” في إطار فرجة مسرح الشارع مغامرة مسرحية فنية شيقة بصحبة طاقات إبداعية محلية في التشخيص”. وأضاف محتريم أنه “كان العمل على تليين اللهجة الحسانية المحبوكة والشاعرية للكاتب المسرحي علي البراصلي جانبا مهما من إبداعنا وادارتنا للممثلين، كما كانت مسألة بلورة الرسائل المشفرة لأحداث الحكايات ونقلها إلى صور ركحية حية تحديا عملنا على ترجمته مسرحيا بمساعدة إبداع السينوغرافيا والملابس”.
ومن جهته أوضح عبد القادر أطويف، المدير الفني لفرقة أوديسا، أن الفرقة تدخل ابتداء من السنة الحالية تجربة جديدة في مسارها الفني من خلال عملها على نفض الغبار عن الحكاية الشعبية الحسانية التي تعد موروثا ثقافيا غنيا يختزن العديد من القيم والمعاني. وتسعى الفرقة، حسب أطويف، من خلال الاشتغال على الحكاية الشعبية إلى إعادة إنتاجها وتطويرها لتأخذ شكلا مسرحيا أو فرجة جديرة بالمتابعة، وهي بذلك تساهم في تعزيز المجهودات التي تقوم بها عدد من المؤسسات والقطاعات الحكومية والمجتمع المدني للتعريف بالثقافة والتراث الحساني والمحافظة عليها.
وحول اختيار مسرح الشارع، يرى عبد القادر أطويف أن فرقة أوديسا بعد الرفع من مستوى الأداء الفني للفرقة المسرحية وتطوير كفاءة ومهارات العاملين بها وكسب ثقة الجمهور بالأقاليم الجنوبية تريد من خلال هذا المشروع الفني الجديد توسيع افق اشتغالها والارتقاء بالممارسة الفنية والانخراط بقوة في الحراك الفني الذي تشهده بلادنا في هذا المجال “مسرح الشارع” لا سيما بعد التجربة التي راكمتها الفرقة من خلال تنظيمها لمهرجان العيون الدولي لمسرح الشارع.
طنجة الأدبية