أغلب الأعمال السينمائية والدرامية السير ذاتية التي تصدَّى لها مخرجون من العالم العربي لم تأت مقنعة ولا ذات بعد فني عكس العديد من الجواهر السينمائية العالمية التي يمكن وضعها في نفس النوع والجنس السينمائييين، والسبب الرئيسي من وجهة نظري هو التعامل مع الشخصية محور العمل ومع مسيرتها الحياتية والإبداعية بمنظور التقديس والخوف المبالغ فيه من إظهار الجوانب المختلفة والمتناقضة من شخصيتها، الأمر الذي يجعلنا كمشاهدين أمام شخصيات كرطونية يغيب عنها البعد الإنساني الذي لا يتأتى بدون تلك التناقضات التي تشكل كل شخصية من لحم ودم بسموها تارة وأخطائها تارة أخرى، بجوانبها الراقية والأخرى التي تنحو بها إلى الجوانب الرمادية وأحيانا السوداء، وهكذا فهؤلاء المخرجون يقدمون شخصيات لا تخطئ وكأنها ملائكة تمشي معنا وتعايشنا في الأرض.
في فيلم “فاطمة السلطانة التي لاتنسى” سقط المخرج المغربي المخضرم في نفس هذا الخطإ رغم أن قربه من فاطمة المرنيسي وقرابته العائلية لها وتصويره للحظات من حياتها بشكل توثيقي كان من المفروض أن يمكنه من إنجاز فيلم كبير عن هذه السيدة المتميزة التي لن تنسى طبعا.
جاء فيلم “فاطمة السلطانة التي لاتنسى” عبارة عن مجموعة من المشاهد الغير متجانسة من مراحل متنوعة من حياتها وكليشيهات تظهر فيها وهي تردد مقولات بشكل تقريري. ولم يستطع المخرج ربط ولا نسج مسار تتدرج فيها الشخصية في أفكارها وقناعاتها.
مريم الزعيمي بذلت جهدا ملحوظا كمشخصة مجتهدة في تقمص الشخصية لكن غياب رؤية إخراجية جعلها كالتائهة في مسعاها ذاك.
فيلم لمحمد عبد الرحمان التازي ليس من بين أهم أفلامه، إذ تظل أفلام “إبن السبيل و”باديس” وحتى “البحث عن زوج إمرأتي” أفضل فنيا بكثير من هذا الفيلم. نرجو أن يعود المخرج المخضرم وواحد من الرواد في السينما المغربية في أفلامه اللاحقة للمستوى السينمائي الذي كنا قد عهدناه عليه، أما “السلطانة” فهو فيلم للنسيان.
عبد الكريم واكريم-طنجة