إنّي أراه …
يتسلّل مع أنفاس النّدى
هسيسُ خَطْوِه لازالَ مُعَتّقًا بماء الجُلَّنار …
طيْفُُ ضاع منّي خِلْسَةً ذاتَ شرود
ترك ثُلّةً من شظايا ملامح
مُتّشِحَة بشالٍ أسود
على أكتافِ ذاكرةٍ تلُمُّ فُتاتَها بِبرود
الفجرُ خاشعُُ في دعاءِ القُنُوت
وليلُُ آخرَ يذْبُلُ ويموت
أتَحسّسُ الحنينَ المصلوب على بِساط صدري بخيوطٍ من ثلج
فتُورِقُ اللِّحاظُ دمْعًا
بحرارة فتيلٍ في جَوْفِ قِنديلٍ ضرير
أُلَمْلِمُ صَحْوَتي …
ولُهاثَ شغفٍ تتصارَعُ نبضاتُه
أُوَسْوِسُ لِملاكي الحارس
الْغافي منذُ عهود
كي يتصدَّى لِلَسْعَةِ الحُلم
لِحِمايتي من عينينِ يلْتوي فيهما ألفُ نَصْل …
أَسْتَحْضِرُ كلَّ بسْملة …
يا إلهي ! روحي تنسلُّ خارج جسدي
تمخُرُ عُبابَ الّلحظة
بأوْتارَ مُجْهَدَة …
قهقهةُ الجدران تقرَعُ أوْصالي
عَبَثًا أُغالِبُ مَخَاضَ الشّوق
فتَشُدُّني اُبتسامة
كاّنّها خارجة من حقلِ كَمَنْجَات …
تضُمُّني …
تُعِيدُنِي لشَمْسِه الأولى
تزرع الزّعتر البرِّي في أركانِ وسائدي
كيف أحببته ؟!
ولماذا ؟!
بالكاد أصْمُتُ مِلْءَ دَهْشتي
أسْحَبُ خِصْرِي العالِق بأريكة تُثَبِّثُ هوَاجِسَها بعيون العَتَمَة
أفْرُكُ صَخَبَ رُؤْيتي المُلَفَّعة بالنُّعاس
أيْنِي ؟؟؟
نجومي منخفضة
وغرفتي مُكتظّة بألف سؤال
يخضع للإقامة الجبرية
أمُدُّ يدايَ المُمَغْنطة برُهابِ العِشق
لأتلمَّسَ وجْهًا يُمْطِرُ اُرتِعاشاتِ الوجد
راجعُُ للِتَّوِّ من مُعترك التّوت والعنّاب
من عاداتي أن أكسب شرعيّة اللّقاء
وأحمل معي قصائدي المثقلات
بالسّكوت … بالعناء …
لأذبحها قرابين بين يديه
لكن هذه المرّة
آهٍ …
لم يعدِلْ جمرُ موقدي توقيتَه
لا أُدْرِكُ السّرّ
فربّما نوم الّليل يشْخَبُ جاذبيّتي إليه
إنّها السّاعة الرّابعة
المآذن تهزُّ بجذع الظّلمة
تُهديني سورة النّاس
وبعضًا من الأوكسجين
أُشَيِّعُهُ من وراء السّتارة
لمدينة شاحبة
سرابُها مفترس
شيْئًا فشيْئًا
تناءَى للمجهول
وتركني لمحراب لايهدأ أُوَارُهُ
لكنّه سيعود
فهو مدين لي بأرجوحة في القمر
لأنّه لعهدِهِ لايَريم
حتّى لو لفُّوا ظِلِّه بشراع الموت
…….
نهى الخطيب