أصدرت دار ماركيز للنشر والتوزيع العراقية،كتابا جديدا للباحث سعيد بوخليط، تحت عنوان :ألبير كامو ورسائل إلى ماريا كازارس.تضمن بين دفتيه،ترجمة لأولى الرسائل الغرامية،التي تبادلها كامو والفنانة المسرحية والسينمائية ماريا كازارس،شملت فقط غراميات سنوات(1948- 1944).
علاقة حب مميزة جدا،عاطفيا وجسديا وفكريا،مثلما تكشف عن ذلك مضامين الرسائل وكذا الاعترافات الشخصية لماريا كازارس،سواء عبر سيرتها الذاتية أو من خلال بعض همساتها الإعلامية،امتدت لحقبة زمنية قاربت خمسة عشر سنة؛ابتداء من تاريخ 6 يونيو 1944،موعد أول لقاء جمع بين كامو وماريا كازارس في باريس،بدعوة من صديقهما المشترك ميشيل ليريس،بمناسبة نشاط ثقافي محوره قراءة في قطعة فنية لبيكاسو،غاية يوم30 دجنبر 1959،حينما بعث كامو إلى حبيبته ماريا،رسالة تحدد الموعد القادم. لقاء لن يتحقق قط، للأسف الشديد،نتيجة الرحيل التراجيدي المفاجئ لكامو؛بعد حادث السيارة المفجع،يوم 4 يناير1960 .
إذن،تبلورت إرهاصات اللحظة الأولى لهذا المسار العاشق،بعد اللقاء بين ألبير كامو وماريا كازارس عند ميشيل ليريس،يوم 19 مارس/آذار 1944،خلال عرض قرائي في المسرحية السيريالية لبابلو بيكاسو المعنونة ب”رغبة ممسوكة من الذيل”،حينئذ اقترح كامو على الممثلة الشابة والتلميذة السابقة في معهد الفن الدرامي،المتعاقدة مع مسرح ماثورينس،أداء دور شخصية مارتا في مسرحيته “سوء تفاهم”. بدأت التدريبات على العرض المسرحي،في غضون ذلك أغرم كامو بالفنانة ذات الأصول الاسبانية،ليلة 6 يوليو/تموز 1944،وبعد نهاية مراسيم أمسية أقيمت عند المخرج شارل دولان،أصبح كامو وكازارس عاشقين بامتياز.
حوار عاطفي استثنائي قارب متنه الأصلي ثمانمائة وخمسا وستين رسالة،عرضها عمل أثار صدى مدهشا على امتداد ألف وثلاثمائة صفحة.شكَّل في نهاية المطاف،هذا المجموع الهجين المتأرجح بين الرسالة التقليدية،والمذكرات الشخصية،وحكايات الأسفار ثم الحماس الممجد للرغبة،رواية مرتكزة على علاقة إيروسية قوية،لم نكن ننتظرها أصلا من كامو.شخص فاتن وجذاب،لكنه متحفظ في ذات الوقت،وقليلا ماينزع نحو البوح عن أسراره الشخصية،نفس الحقيقة تنطبق على كازارس بل وبامتياز،وقد لاحقتها شهرة كونها ممثلة صاحبة مزاج حاد ومتقلب.
طنجة الأدبية