باريس – تحولت قاعة “الأولمبيا” العريقة في العاصمة الفرنسية، مساء الاثنين، إلى فضاء نابض بالضحك والطاقة الإبداعية، مع احتضانها عرضًا استثنائيًا ضمن مهرجان “كوميديا بلانكا”، الذي حمل الفكاهة المغربية إلى جمهور غفير توافد من مختلف المدن الفرنسية ومن المغرب أيضًا.
القاعة الأسطورية رفعت لافتة “شباك مغلق”، في مؤشر واضح على الإقبال الكبير والحماس اللافت الذي رافق هذا الحدث، حيث اجتمع عشاق الكوميديا للاحتفاء بثقافة مغربية غنية ومتنوعة، وجدت في الضحك لغة جامعة تتجاوز الحدود.
ومنذ اللحظات الأولى، خيمت أجواء احتفالية دافئة، امتزجت فيها الألوان بالحيوية الجماعية، فيما تناوب على خشبة المسرح نخبة من الكوميديين، من بينهم والاص، وميمو لزرق، ومريم بنوا، وجليل تيجاني، وإيثان لالوز، وسارة لولي، وجون سولو، الذين أشعلوا القاعة بعروضهم المتنوعة، في أمسية شكلت الانطلاقة الرسمية للجولة الدولية للمهرجان.
الحدث، الذي جمع مواهب مغربية ودولية في تجربة فنية غير مسبوقة، تعزز بحضور ضيف الشرف جاد المالح، الذي خطف الأضواء بأسلوبه المميز، جامعًا بين السخرية من الذات، والذكاء اللغوي، والإحالات الثقافية التي لاقت تفاعلًا واسعًا من الجمهور.
وترددت أصداء الضحك والتصفيق طوال العرض، وسط ديكور مستوحى من الهوية المغربية، وفي أجواء وطنية مؤثرة، ميزتها ترديد النشيد الوطني المغربي بشكل جماعي، إلى جانب كلمة ترحيبية ألقتها سفيرة المملكة بباريس، سميرة سيطايل.
وأشادت السفيرة خلال كلمتها بالمستوى الفني للفكاهيين المشاركين، معتبرة أن عروضهم تعكس قدرة الكوميديا المغربية على الإشعاع خارج الوطن، ومبرزة في الآن ذاته غنى الثقافة المغربية وتعدد روافدها، باعتبارها ثقافة حية قائمة على قيم المشاركة وروح القرب.
من جهتهما، عبر المؤسسان المشاركان للمهرجان، سعد لحجوجي ومريم بوعياد، عن امتنانهما لكافة الجهات الداعمة، وعلى رأسها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، إلى جانب الرعاة والجمهور الذي كان شريكًا أساسيًا في نجاح التظاهرة.
وأكد المنظمون أن “كوميديا بلانكا” لا يقتصر على كونه حدثًا فنيا عابرًا، بل يسعى إلى ترسيخ نفسه كتظاهرة ثقافية متعددة الأبعاد، تنطلق من قناعة راسخة بأن المغرب يتوفر على طاقات قادرة على بناء صناعة فكاهية حقيقية ذات إشعاع دولي.
كما أوضحوا أن الجولة الدولية للمهرجان، التي ستشمل مدنًا مثل مونتريال وأبيدجان وبروكسيل، تهدف إلى الدفاع عن فكاهة منفتحة، جريئة، وقريبة من الجمهور.
وفي لحظة ختامية قوية، تسللت أجواء كأس إفريقيا للأمم إلى العرض بشكل عفوي، حيث اعتلى الفنانون خشبة المسرح وهم يرتدون قمصان المنتخب الوطني، لتمتزج أصواتهم بأصوات الحاضرين في مشهد احتفالي صاخب، زينته الهتافات والزغاريد، مجسدًا لحظة تلاحم إنساني وثقافي مؤثرة.
طنجة الأدبية

