تشهد القصيدة المغربية اليوم تحولات واضحة على مستوى الشكل والمضمون، تعكس جرأة الشعراء في التجريب ورغبتهم في تجديد لغة الشعر ورؤاه ضمن أفق عربي وإنساني متجدد. الباحث المغربي في البلاغة وتحليل الخطاب، سعيد العوادي، أكد أن المشهد الشعري المغربي أصبح أكثر انفتاحًا على المستجدات الإبداعية العالمية، مع الحفاظ على خصوصيته الثقافية والهوياتية.
وأوضح العوادي، خلال مشاركته في ندوة حول “مسارات القصيدة العربية” ضمن فعاليات الدورة الـ44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، أن القصيدة المغربية تستمد من تراث الشعر العربي وتستفيد من التوجهات الغربية، ما يمنحها هوية مزدوجة تجمع بين الأصالة والحداثة. وأضاف أن هذه الخصوصية تتجلى في ما سماه “الأنفاس المغربية”، التي تمزج بين الذاكرة المحلية والبعد الأمازيغي والإفريقي، مع الانفتاح على الفضاء المتوسطي، مما يسمح للشاعر المغربي بالتعبير عن قضاياه الشخصية وعلاقته بالآخر والمكان المغربي.
وأشار الباحث إلى أن المغرب يشهد “ثورة بلاغية” هادئة يقودها الأكاديميون المهتمون بتجديد البلاغة وربطها بالمناهج النقدية الحديثة، مع الحفاظ على خصوصيتها التي تميزها عن المقاربات الغربية. وفيما يتعلق بمكانة الشعر في الحياة اليومية المعاصرة، أكد العوادي أن الشعر يظل التعبير الأكثر صدقًا عن الإنسان، مشيرًا إلى أن الرواية والأجناس الأدبية الأخرى لم تقلل من دوره، بل أسهمت في إثراء المشهد الثقافي وتنويع أدوات التعبير.
كما شدد الباحث على أهمية الحفاظ على الصلة بالمتلقي ومواصلة التجديد دون غموض مبالغ فيه، خاصة مع ظهور القصيدة الرقمية التي تعكس قدرة الشعر على مواكبة التحولات التكنولوجية الحديثة.
ويأتي هذا التصريح ضمن فعاليات الدورة الـ44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب تحت شعار “بينك وبين الكتاب” ويستمر حتى 16 نوفمبر الجاري، بمشاركة أكثر من 2350 دار نشر وأكثر من 250 مبدعًا من 66 دولة، يقدمون نحو 1200 فعالية ثقافية وإبداعية وفنية. ويشارك المغرب في هذه التظاهرة بمجموعة من الأدباء والروائيين مثل محمد عز الدين التازي، سعيد العوادي، وكريمة أحداد، الذين يجمعون بين التجربة الروائية والفكر النقدي. كما يقدم المعرض برامج متنوعة تشمل جلسات حوارية، قراءات أدبية، أمسيات شعرية بثماني لغات، وورش عمل لجميع الفئات يقدمها خبراء متخصصون.
طنجة الأدبية

