الرئيسيةأخبارالإقامة في لا يقين القصيدة…الشاعر المغربي محمد بنطلحة في ضيافة جمعية البيت الثقافي في المغرب

الإقامة في لا يقين القصيدة…الشاعر المغربي محمد بنطلحة في ضيافة جمعية البيت الثقافي في المغرب

الشاعر محمد بنطلحة

احتفت مؤخرا جمعية البيت الثقافي في المغرب، في إطار افتتاح أنشطتها الثقافية الجديدة للموسم الثقافي 2025 ــ 2026، بتجربة الشاعر المغربي الكبير محمد بنطلحة، عبر فقرة ثقافية جديدة(محاورات) حرصت على تنشيط فقرات الإعلامية سعاد ازعيتراوي، التي كشفت في تقديمها للأمسية أن محمد بنطلحة يعد أحد أعمق الأصوات التي جعلت الشعر المغربي يتكلم لغته الخاصة، لغة تحفر في اللغة نفسها، منذ بداياته، وقد ظل بن طلحة يستفز ّالأشياء والكلمات لتتكلم شعرا، فهو لا يتعامل مع اللغة كمادةٍ جاهزة، بل كـ« كائنٍ حيّ» يتنفّس، يمرض، ويُشفى داخل القصيدة، لذلك، حين نقرأه، نشعر أننا لا نقرأ «قصيدة»، بل نُصاب بلوثة الشعر نفسه، يكتب قصيدته مثلما يكتب الناسُ اعترافاتهم في الحلم، لذلك تتبدى غامضةٌ لكنها شفافة بسيطةٌ، لأنها تُخفي عُمقًا لا يُقاس، ولعل العودة إلى دواوينه من “نشيد البجع” إلى “غيمة أو حجر” ومن “رؤى في موسم العوسج” و”سدوم” إلى “تحت أي سلم عبرتُ”، ومن “بعكسِ الماء” إلى “قليلا أكثر”، ومن ” أخسر السماء وأربح الأرض” إلى “قليلاً من الصحراء” و” بعيداً عن الكلام”، يتبدى أن كل ديوان هو درجة في سُلَّم التجريد، حيث اللغة تُنقِّي نفسها من الزوائد لتصل إلى الجوهر، لذلك كله، يظلّ محمد بنطلحة – في عمق التجربة الشعرية المغربية – ضميرًا لغويًا نادرًا، وشاعرًا لا يُشبه إلا نفسه.

واتجهت كلمة الجمعية إلى إبراز السياق المتصل بالاحتفاء بالشاعر محمد بنطلحة، حيث ارتأت الجمعية أن تعيد ربط ماضي القصيدة الشعرية العربية المغربية، بحاضرها ومستقبلها، من خلال استضافة الشاعر محمد بنطلحة، بوصفه أحد الشعراء المغاربة الذين لا يكاد يسمع لهم همس، إلا عبر نصوصه المدثرة بوعد الشعر، في ذهابه المطلق صوب الشعري والإنساني معا، والإقامة في الهدم ولايقين القصيدة، وتترجم استضافة الجمعية للشاعر بفخر شعري تجربة سيدي محمد بنطلحة، بموازاة ذلك، يقينها المطلق يقينا أن استبدال مواقع أغصان شجرة الشعر المغربي ليست هينة، إلا أنها تؤكد بيقين الشعر ووعده، أن إحدى مهامها تكمن في الانتباه إلى الأصوات الشعرية الحقيقية، ولا شيء يعلو على انتصارها للشعر فقط لا غير، مهما كانت التكلفة، فنحن هنا لا لشيء سوى لخلق منافذ شعرية منذورة لهوامشها الشعرية السحيقة غير آبهة إلا بما تكتبه بحفر واشتغال شعريين آسرين.

الشاعر المغربي محمد بنطلحة ضيف جمعية البيت الثقافي في أمسية شعرية بعنوان "الإقامة في لا يقين القصيدة"
الشاعر المغربي محمد بنطلحة ضيف جمعية البيت الثقافي في أمسية شعرية بعنوان “الإقامة في لا يقين القصيدة”

وتوقفت مداخلة الناقد محمد عرش بالدراسة والتفكيك والتحليل والتأويل ديوان” سأنتظر أن يتنفس البرنز” للشاعر المحتفى به، وتتأسس على تفتيت مادة البرنز ، حيث أكدت التعالق بين مكونات معدن البرنز المتكون(الزنك والقصدير) ، وقابليتهما للتذويب، واشتغال الشاعر محمد بنطلحة على صهر اللغة، من أجل تأسيس معجم شعري جديد، يبني من خلاله عبارات مدهشة، تؤكد فرادة صوت الشاعر؛ ويجد القارئ للعمل الشعري نفسه إزاء سبعة جزر، تتعانق فيما بينها لتعطي نجزا جديدا، ينطلق من الخواء والفراغ، ليمنح الفرصة للمتلقي حتى يؤول ويرى، ما لا يحد. وعليه يمكن النظر إلى ديوان” سأنتظر أن يتنفس البرنز” بجعله عملا شعريا جديدا من حيث التناول والرؤيا، يجعلنا نتطلع إلى أفق انتظار.

وحاولت مداخلة الناقد أحمد العمراوي مقاربة الموضوع من زاوية تطبيقية، واختار لها عنوان “جيل  Z ، الذكاء الاصطناعي، وتأتأة الشاعر”، حيث ركز على قصيدة واحدة للشاعر محمد بنطلحة هي” لهذا أتأتئ”، ركز على تجربة قام بها مع مجموعة من الأطفال في ورشة للكتابة الإبداعية، مقارنا بين نتائج للذكاء الاصطناعي وأخرى للذكاء البشري، وركز على عدة قصائد أتنجها جيل   Z معرجا على عوالم الدهشة والمتعة في عالم محمد بنطلحة الذي يتجاوب معه الجيل الجيد رغم صعوبته وغموضه المقصود.

ورصدت تدخلات الشاعر محمد بنطلحة في معرض الإجابة عن محاورات الإعلامية سعاد ازعيتراوي، بعض تجليات نصوصه الشعرية، التي ظلت منذورة للهدم الشعري، في مسعاها المتوثب باتجاه خلق فرادتها وملامحها الخاصة، فهو يقيم خارج المعايير التي لا مكان لها في الشعر، وقدر الشاعر أن يكون خلاقا مشبعا بالهدم، من خلال خلق مسافة بينه وبين النصوص الشعرية التي يقرأها أو يكتبها، وألا ينساق إلى الذهاب إلى الجوائز، والصواب هو أن تأتي إليه، بالإضافة إلى إيضاح تتصل بعلاقة الشاعر بالجمالي داخل القصيدة والواقعي، فالشاعر الحقيقي يقيم في اللغة وعبرها يسعى إلى بناء تصوره الشعري للعالم الذي يتخيله ويحلم بالعيش فيه.

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *