الرباط – احتضنت العاصمة المغربية أمس الثلاثاء ندوة دولية تناولت المسيرة الخضراء من زواياها التاريخية والجيوسياسية والتنموية، بمشاركة نخبة من الباحثين والدبلوماسيين الذين استعرضوا رمزية هذه الملحمة الوطنية ودورها في ترسيخ المكانة الجيوسياسية للمغرب.
الندوة، التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية والمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، بشراكة مع جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، شكلت فضاءً علمياً لمناقشة المسار التاريخي والسياسي الذي خاضه المغرب في سبيل استكمال وحدته الترابية وتصفية الاستعمار، والذي تُوج بالقرار الأممي رقم 2797 الذي أقرّ الحكم الذاتي كحلّ وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وسعى المنظمون من خلال هذا اللقاء إلى إبراز البعد الثقافي والرمزي للمسيرة الخضراء عبر مقاربة متعددة التخصصات تجمع بين التاريخ والإثنوغرافيا والسرديات الوطنية التي تؤرخ لهذه اللحظة المفصلية في تاريخ المغرب.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل الحجمري، أن المسيرة الخضراء ليست مجرد حدث سياسي، بل رمز للذاكرة الجماعية المغربية التي صاغت وجدان الأمة، مشيراً إلى أنها جسّدت قيم الوحدة والسيادة والكرامة والتلاحم الوطني التي ما زالت تشكل دعامة استقرار المغرب.
وأضاف الحجمري أن انعقاد الندوة يأتي في سياق القرار الأممي الأخير الذي اعتبر أن “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد القابل للتطبيق”، مبرزاً أن هذا الموقف الدولي يُعد امتداداً لروح المسيرة الخضراء القائمة على التعقل والثبات في الدفاع عن الحق.
كما أشار إلى أن مبادرة الحكم الذاتي تجسد الرؤية الملكية القائمة على مبدأ “السيادة المنفتحة”، التي تمزج بين الصلابة في المبدأ والمرونة في الوسيلة، مؤكداً أن المغرب بات اليوم فاعلاً محورياً في بناء توازنات إقليمية جديدة تقوم على التنمية المشتركة والأمن الطاقي وربط إفريقيا بالمحيط الأطلسي.
من جانبه، أكد رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الحسين أزدوك، أن المسيرة الخضراء تمثل نموذجاً فريداً للتعبئة الشعبية السلمية ووحدة الصف بين العرش والشعب، مشيراً إلى أن القرار الأممي الأخير يُعد اعترافاً صريحاً بشرعية الموقف المغربي وتجسيداً للرؤية الملكية للحكم الذاتي باعتباره الخيار الواقعي والعملي لضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة.
وشدد أزدوك على الدور المحوري الذي تضطلع به الجامعة المغربية في صون الذاكرة الوطنية وتعزيز البحث العلمي المرتبط بالقضايا الترابية، مؤكداً أن المعرفة والحجة التاريخية والتحليل الثقافي تشكل أدوات فعالة للدفاع عن القضية الوطنية في مختلف المحافل الدولية.
ويتواصل برنامج الندوة على مدى يومين، عبر جلسات علمية تتناول الأبعاد التاريخية والجيوسياسية والأنثروبولوجية للمسيرة الخضراء، بمشاركة باحثين ومفكرين من داخل المغرب وخارجه، لتسليط الضوء على هذا الحدث التاريخي الذي شكل علامة فارقة في مسار الوحدة الوطنية المغربية.
طنجة الأدبية

