منذ قرون طويلة، كان المغرب مقصدًا للحالمين والمستكشفين والرحّالة الذين رأوا فيه أرضًا للدهشة، ومكانًا تتقاطع فيه الأسطورة مع الجغرافيا، والشرق مع الغرب، والواقع مع الحلم. لقد شكّل المغرب، بمدنه وأسواقه وصحرائه وبحره، فضاءً خصبًا للخيال الأدبي الأوروبي، ومسرحًا لرغبة عارمة في الفهم والاكتشاف والتمثيل.
من بيير لوتي إلى بول بولز، ومن إدّيث وارتون إلى جان جنيه وتنسّي وليامز، كتب الأدباء والرحّالة الأجانب عن المغرب بوصفه «الآخر الجميل»، تارةً بعين العاشق المفتون، وتارةً بنظرة استشراقية تحاول تأطير الشرق ضمن تصوّرات الغرب. وبين الانبهار وسوء الفهم، بين الأسطورة والواقع، تشكّلت صورة معقّدة عن المغرب في الأدب الغربي الحديث والمعاصر.
وفي قلب هذه الصورة تبرز طنجة، المدينة التي صارت منذ منتصف القرن العشرين نقطة التقاء بين الثقافات، ومختبرًا إنسانيًا وأدبيًا فريدًا عاش فيه الأدباء والفنانون من أنحاء العالم. هناك كتب بول بولز نصوصه المائزة، وهناك التقى محمد شكري بالعالم، وهناك أعاد الأدب المغربي تعريف العلاقة بالآخر من موقع الندّ لا المرويّ عنه.
إنّ ملف «المغرب في عيون الرحّالة والأدباء الأجانب»، الذي تفتحه مجلة «طنجة الأدبية» في عددها الجديد، يأتي استكمالًا لمشروعها الثقافي الرامي إلى تفكيك الصور النمطية وإعادة قراءة الذات من خلال مرايا الآخر. فالكتابة عن المغرب من الخارج ليست مجرد شهادات أدبية أو رحلية، بل هي أيضًا وثائق ثقافية تكشف كيف رآنا العالم، وكيف انعكست تلك الرؤية على تصورنا لأنفسنا.
من هنا، تسعى المجلة من خلال هذا الملف إلى فتح نقاش نقدي وثقافي حول:
-
كيف تشكّلت صورة المغرب في الأدب الغربي؟
-
ما الذي تغيّر فيها بين الرحلات الكولونيالية والكتابات الأدبية الحديثة؟
-
وكيف يمكن للأدب المغربي أن يستعيد روايته الخاصة عن ذاته بعد أن كتبها الآخر لعقود طويلة؟
دعوة للمشاركة
تدعو مجلة «طنجة الأدبية» الباحثين، النقّاد، المترجمين، والمهتمين بأدب الرحلة والعلاقات الثقافية بين المغرب والغرب إلى المساهمة في هذا الملف ببحوث أو مقالات نقدية أو ترجمات مشفوعة بمقدمة تحليلية.
ترسل المساهمات إلى هيئة التحرير عبر الموقع الرسمي للمجلة:
magazine@aladabia.net
️ آخر أجل لتلقي المساهمات: 05/01/2026
محاور مقترحة للمشاركة
المحور الأول: المغرب في نصوص الرحّالة والمستكشفين
-
من مارمول كربخال إلى شارل دو فوكو: صورة المغرب في الرحلات الأوروبية الكلاسيكية.
-
الرحّالة الفرنسيون والإنجليز والإسبان: بين الاكتشاف والتأويل.
-
فاس ومراكش وطنجة في المتخيل الغربي.
-
من “البلد الممنوع” إلى “الوجهة المفتوحة”: تحوّلات النظرة الأوروبية إلى المغرب.
المحور الثاني: المغرب في الأدب الغربي الحديث
-
بول بولز والمغرب المتخيَّل.
-
طنجة في عيون جان جنيه وترومان كابوتي وتينيسي وليامز.
-
إدّيث وارتون وفتنة الشرق: قراءة جندرية في كتابة المرأة عن المغرب.
-
الأدب الأمريكي والفرنسي في حضرة المكان المغربي.
المحور الثالث: مساءلة النظرة الاستشراقية
-
الاستشراق الأدبي وصناعة الصورة الثقافية للمغرب.
-
المرأة المغربية في عين الرحّالة الأجانب.
-
من «ألف ليلة وليلة» إلى طنجة الدولية: تطوّر الخيال الغربي حول الشرق المغربي.
-
الترجمة وإعادة إنتاج الصورة الثقافية.
المحور الرابع: إعادة كتابة الصورة – حوار الذات والآخر
-
حين يكتب المغربي عن نظرة الآخر: من محمد شكري إلى الطاهر بنجلون.
-
أدب الرحلة المعاكس: كيف رأى الكتّاب المغاربة أوروبا؟
-
المثاقفة والاختلاف في الأدب المقارن المغربي–الغربي.
-
من «المغرب المتخيَّل» إلى «المغرب الممكن»: نحو كتابة جديدة للذات.
رؤية الملف
يهدف هذا الملف إلى إعادة فتح السؤال الثقافي حول التمثيل: كيف نُكتب في عين الآخر؟ وكيف نكتب أنفسنا اليوم في زمن التحولات؟
إنها دعوة لتفكير جماعي في معنى الصورة، وفي دور الأدب في بناء الجسور بين الثقافات بدل الجدران.
طنجة الأدبية

