عاشت مدينة أكادير ليلة فنية استثنائية يوم السبت، حيث أضاء عازف الغيتار الإسباني أليخاندرو هورتادو خشبة قاعة “إبراهيم راضي” بعرض ساحر تحت عنوان “Devenir”، في احتفال راقٍ بفن الفلامينكو الذي أسر قلوب الحاضرين بأنغامه العميقة وإيقاعاته المفعمة بالعاطفة. امتلأت القاعة بجمهور واسع من عشاق الموسيقى الإسبانية، الذين جاؤوا لاكتشاف رحلة تطور غيتار الفلامينكو عبر مقطوعات اختزلت تاريخ هذا الفن من بداياته إلى تجلياته الحديثة.
السهرة، التي نظمها معهد “سيرفانتس” بمراكش وسفارة إسبانيا بالمغرب بشراكة مع المجلس الجماعي لأكادير، قدمت باقة موسيقية متنوعة تراوحت بين مقطوعات كلاسيكية تنتمي إلى مرحلة ما قبل الفلامينكو، مثل “سوليّا” (Soleá) للمؤلف خوليان أركاس، وأخرى حديثة تعكس روح التجديد في هذا الفن، من توقيع أليخاندرو هورتادو نفسه، الذي أبدع في عزف كل نغمة بإحساس عالٍ وأسلوب تقني مدهش.
وتعزز العرض بحضور الراقصة الموهوبة باتريسيا غيريرو، التي أضفت بحركاتها المتقنة بعداً بصرياً ساحراً على الموسيقى، حيث امتزجت خطواتها التعبيرية بإيقاعات الغيتار في لوحة فنية متناغمة جمعت بين الأصالة والابتكار. كما شمل الحفل مؤلفات موسيقية لكبار رواد الفلامينكو والموسيقى الكلاسيكية الإسبانية مثل مانويل دي فايا، إسحاق ألبينيث، وفرانثيسكو تارّيغا، في رحلة فنية أعادت إلى الأذهان عبق الأندلس وروح الإبداع الإسباني الخالد.
في تصريح له، أوضح مدير معهد “سيرفانتس” بمراكش، ميغيل أنخيل سان خوسيه، أن عرض “Devenir” يأتي ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للفلامينكو، مؤكداً أن هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز حضور هذا الفن العريق في المغرب ونشر ثقافة الفلامينكو باعتباره تراثاً إنسانياً غير مادي مسجلاً لدى اليونسكو.
ويأتي هذا الحدث في إطار الدورة الرابعة للمؤتمر العالمي للفلامينكو، الذي تنظمه سفارة إسبانيا ومعهد “سيرفانتس” بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، عبر جولة تشمل ثمان مدن مغربية — الرباط، فاس، طنجة، مراكش، تطوان، أكادير، الدار البيضاء، والعرائش — من خلال أربعة عشر عرضاً فنياً على امتداد شهر أكتوبر، في تظاهرة ثقافية تسعى إلى تعزيز الحوار الفني بين المغرب وإسبانيا من خلال لغة الموسيقى والجمال.
طنجة الأدبية

