يشرفني أن أقف لأقدم كلمة تعريفية عن قامة نضالية وإعلامية ، الأستاذ محمد كماشين. إنه رجل يصعب أن تختصره الكلمات ويعجز الحرف أن يفيه ما يستحقه من التقدير. رجل اختار أن يكون صوته هادئا في زمن الضجيج، ومسيرته واضحة وسط دروب متعرجة، مجسدا أسمى معاني الإقدام، والتفاني في العمل، ونكران الذات.
ولد الأستاذ محمد كماشين بمدينة القصر الكبير في ليلة مباركة من ليالي شهر رمضان، وتحديدا يوم 25 مارس 1960، بحي الباريو. نشأ في كنف أسرة متشبعة بالقيم والتقاليد، وبدأ أولى خطواته التعليمية بحفظ القرآن الكريم في كتّاب الحي، قبل أن يلتحق بمدرسة مولاي علي بوغالب الابتدائية. واصل مساره الدراسي بثانوية وادي المخازن، حيث جايل نخبة من التلاميذ الذين أصبحوا لاحقا رموزا ثقافية محليا ووطنيًا، وتميز بتفوقه الدراسي وتابع بعد ذلك مشواره الدراسي بكل من طنجة وفاس
استهل تجربته المهنية كأستاذ في ضاحية مشرع بلقصيري، ثم انتقل إلى مدرسة وادي الذهب بالقصر الكبير، حيث استمر في العطاء حتى تقاعده الطوعي عام 2017.
المسار الإعلامي والأدبي: استقلالية الفكر والكلمة الصادقة
لم يكن دخول الأستاذ محمد كماشين عالم الإعلام صدفة، بل كان امتدادا لشغفه بالكلمة والتعبير عن الرأي منذ شبابه المبكر.
البدايات المؤسسة (1978 – 1985):
في عام 1978، انطلقت أولى خطواته الإعلامية من داخل الثانوية، بتأسيس فريق تحقيق إلى جانب الأديب المغربي الدكتور أحمد إدريسو سلام.
في عام 1985، نشر أول عمل أدبي له بجريدة العلم، ثم توالت نصوصه ومقالاته.
التجربة الصحفية والاحترافية:
توالت أعماله ومقالاته في منابر متعددة، أبرزها: جريدة الاتحاد الاشتراكي، النهار المغربية، الصباح، المساء، وعدد من الجرائد الأسبوعية واليومية المستقلة، مثل الصحيفة والوطن. كما خاض تجربة النشر الإلكتروني مبكرا.
الاستقلالية الفكرية: اللافت في مساره، هو رفضه الانضواء تحت أي خط تحريري ضيق، مفضلا الاستقلالية الفكرية والإعلامية، ليظل وفيًا لرسالة الإعلامي النزيه.
التكريم والتوثيق:
حصل على وسام (الاستحقاق الإعلامي )إلى جانب ألمع الأقلام المغربية من طرف المنظمة المغربية للإعلام الجديد.
ساهم في إنجاز أشرطة توثيقية عن حياة عدد من الراحلين الذين أخلصوا للمدينة، منهم: الأستاذة سعاد الطود، محمد المودن الحميموني، محمد الشرقاوي، وجمال عتو.
كان عضو لجنة تحكيم المهرجان الجهوي لداخليتي بيتي لدورتين.
النضال السياسي والعمل النقابي: الوفاء لـ “البيت الاستقلالي”
الأستاذ محمد كماشين هو نبتة طيبة أزهرت في بستان هيآت حزب الاستقلال المعطاء، وظل وفيا للمبادئ التي تربى عليها في البيت الاستقلالي العريق، ضمن مدرسة علال الفاسي الفكرية. أثبت خلال مسيرته السياسية والنضالية مدى وفائه لخط الإصلاح والمبادئ الكبرى، طيلة مسيرته النضالية .
المسؤوليات الحزبية والنقابية:
شارك بفعالية في مختلف هياكل الحزب، وتحمل مسؤوليات نقابية هامة:
عضو المكتب الإقليمي للحزب (وما يزال).
عضو المجلس الوطني للحزب سابقا.
تحمل مسؤوليات نقابية داخل مكتب الاتحاد العام للشغالين بالمغرب.
تحمل مسؤوليات داخل مكتب الجامعة الحرة للتعليم.
عضو سابق داخل المكتب الإداري لمنظمة الكشاف المغربي.
العمل الجمعوي والمدني: فاعل لا متفرج
لم يكن الأستاذ محمد كماشين يوما متفرجا على الواقع، بل كان دوما فاعلا فيه، خاصة في المجالات التربوية والإعلامية:
المسؤوليات الجمعوية والإعلامية:
تقلد منصب نائب رئيس جمعية التواصل للتنمية والثقافة خلال موسم 2008/2009.
كاتب عام في كل من: جمعية القصر نت للإعلام الإلكتروني والجمعية المغربية للإعلام الوسائطي.
كاتب عام منتدى أوبيدوم للإعلام والتواصل، ومسؤول التحرير ببوابة القصر الكبير.
عضو نشط في نادي القصر الكبير للصحافة والإعلام والجمعية المغربية للصحافة والإعلام.
عضو شرفي بجمعية الأنوار النسوية.
التربية ومحو الأمية:
ما بين سنتي 2000 و2005، تقلد مهمة كاتب محلي لفرع العصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية، وعضو في مجلسها الوطني، حيث نال تنويها خاصا من المكتب التنفيذي لجهوده في هذا المجال.
لعب دورا محوريا في تنفيذ اتفاقيات الشراكة المتعلقة بالتعبئة الاجتماعية من أجل التمدرس، بشراكة مع مندوبية التعاون الوطني ومؤسسة البنك الشعبي للتربية والثقافة، وتلقى رسائل شكر وتنويه على جهوده.
ساهم كمسير في عدد من المخيمات الصيفية، منها نائب مسير لمخيم رأس الرمل بالعرائش ومسير بإدارة مخيم رأس الما بإفران.
ساهم من داخل منتدى أوبيدوم للإعلام والتواصل في إعداد نسخ كرنفال القصر الكبير.
في الختام، الأستاذ محمد كماشين هو رجل المبادئ في زمن المتغيرات، قدم الكثير في صمت، وأضاء الطريق لغيره دون أن يسعى للبريق. إنه الصديق الصادق، والأخ الوفي، والموجه الذي لم يبخل يومًا بالنصح والعطاء. وكما وصفه صديقه محمد أكرم الغرباوي: “صوت نزيه في ضجيج المؤامرات… عَلَم لا يهاب الخواء، بل يواجهه بالمبادرة والخلق.”


