الرئيسيةأخبارفيلم «ما زلت ألعب»… حكاية أبوة فلسطينية وسط الحرب

فيلم «ما زلت ألعب»… حكاية أبوة فلسطينية وسط الحرب

فيلم ما زلت ألعب

وصف المخرج الجزائري الفرنسي محمد مصباح فيلمه القصير «ما زلت ألعب» بأنه تجربة شخصية وفنية عميقة، انطلقت من رغبته في تحويل الهموم السياسية والاجتماعية إلى لغة بصرية مؤثرة. وأوضح أن الفكرة ولدت من اهتمامه بعالم الألعاب الإلكترونية، ورغبته في تجسيد معاناة البشر وواقعهم القاسي داخل فضاءات افتراضية تحمل رسائل إنسانية لا تفقد قوتها.

الفيلم، الذي عُرض لأول مرة في مهرجان «لوكارنو» السينمائي ونال جائزة «الفهد الفضي»، يروي حكاية «رشيد» الأب الفلسطيني الذي رفض المنفى، مفضلاً البقاء في وطنه لتربية أبنائه رغم القصف والحصار. رشيد يعمل مطوّراً لألعاب الفيديو، محولاً تجربته الشخصية ومأساة شعبه إلى عوالم رقمية، حيث تختلط الترفيه بالذاكرة الجماعية للمأساة.

صُوِّر العمل باللغتين العربية والإنجليزية مع ترجمة فرنسية، بهدف مخاطبة الجمهور الغربي وكشف حجم المأساة الفلسطينية من خلال قصة إنسانية واحدة، إذ يؤكد مصباح أن اللعب يمكن أن يكون وسيلة للتعبير والمقاومة في آن واحد. ويشير إلى مشهد رمزي يجسد فلسفة الفيلم، حيث يقف رشيد على شرفة منزله محدقاً في الأفق بينما ينشغل طفله بصناعة روبوت، في تناقض يكشف عن ثنائية اللعب والحياة تحت القصف، وكيف يصبح الروبوت أداة تواصل بين الأب وأطفاله.

ويشدد مصباح على أن الفيلم توازن بين الطابع السياسي والجانب الجمالي بفضل حدسه واعتماده على تفاصيل اللحظة أثناء التصوير، معتبراً أن دراسته للعلوم السياسية في باريس أسهمت في تعميق رؤيته دون أن تحوّل العمل إلى خطاب سياسي مباشر. بالنسبة له، السياسة جزء لا ينفصل عن الحياة اليومية، خاصة في ظل الصراعات والهويات المتنازعة، وهو ما جعل الفيلم يحمل أبعاداً سياسية وإنسانية معاً.

المخرج أوضح أن التحدي الأكبر الذي واجهه لم يكن التمويل أو الكتابة، بل الثقة بنفسه كمخرج جديد وسط حرب اندلعت أثناء الإنتاج، مما جعل التصوير أكثر تعقيداً. وأكد أن العمل الوثائقي ليس بياناً سياسياً، بل يركز على الفرد وتجربته ليلامس المأساة الجماعية، مشيراً إلى أن شخصية رشيد أعطت الفيلم إنسانيته وعمقه.

وأضاف أن اهتمامه انصب على إبراز العاطفة في أداء الشخصيات، لأن التفاصيل الصغيرة والتصرفات اليومية هي ما يجعل المشاهد يتعاطف بصدق. ويرى أن الفيلم يشكل أيضاً محاولة لصياغة لغة سينمائية تعبر عن الهوية الفلسطينية وتجربة الأبوة تحت الحرب، بهدف إيصال القصة إلى جمهور عالمي يفهم المأساة من خلال الفن.

ويختتم مصباح بالتأكيد أن السينما لا تغيّر العالم وحدها، لكنها قادرة على تحريك الخيال وبناء التعاطف، وأن «ما زلت ألعب» يمثل نموذجاً للمقاومة الإبداعية التي تجمع بين الفن والسياسة لتوثيق التجارب الإنسانية العميقة.

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *