اختتمت العاصمة العراقية فعاليات مهرجان بغداد السينمائي الدولي في دورته الثانية، في أجواء احتفالية غلب عليها الطابع الثقافي والفني، وسط مشاركة لافتة من المبدعين العرب والعراقيين الذين توافدوا إلى مسرح الرشيد ليشهدوا أمسية ختامية مميزة.
رسائل ثقافية من بغداد
في كلمته خلال الحفل، شدد نقيب الفنانين العراقيين الدكتور جبار جودي على أن العراق يسعى لترسيخ قيم الحرية والإبداع، معتبرًا أن تزامن اختتام المهرجان مع اليوم العالمي للسلام يحمل دلالات عميقة، خاصة وأن البلاد دفعت ثمنًا غاليًا في سبيل الوصول إلى مرحلة التعبير بجرأة وانفتاح.
أما وزير الثقافة أحمد فكاك، فقد أكد أن بغداد ستظل عاصمة للفن وملتقى للإبداع العربي، مضيفًا أن المهرجان يبرهن على أن السينما لغة قادرة على جمع الشعوب وتوحيد الرؤى.
تكريم شخصيات بارزة
المهرجان خصص لحظات وفاء لعدد من الأسماء التي أثرت الساحة السينمائية، إذ تم تكريم المخرجة العراقية خيرية المنصور، إلى جانب مدير المهرجان الدكتور حكمت البيضاني، فيما كرّم رئيس اتحاد المنتجين بالكويت خالد الراشد، الدكتور جبار جودي تقديرًا لجهوده.
كما ألقى الفنان الكويتي محمد المنصور كلمة مؤثرة استعاد فيها صورة بغداد الثقافية قائلاً: “على مدى الأيام القليلة الماضية احتضنت بغداد المبدعين العرب وفتحت أمامهم أبوابها ليعيشوا عبق دجلة ونسمات أيلول”.

حصاد الجوائز
حملت الدورة تنوعًا لافتًا في الجوائز التي وزعت على مختلف الأصناف السينمائية:
-
التحريك: “نابو” (العراق) كأفضل فيلم قصير، بينما نال فيلم “القناني المسحورة” جائزة خاصة.
-
الوثائقي: “لن أغادرها” (اليمن) أفضل قصير، و*“السودان يا غالي”* (السودان) أفضل طويل.
-
القصير الروائي: “سحر” (العراق) جائزة أفضل فيلم، بينما منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لفيلم “على الحافة” (تونس).
-
جوائز تقديرية وزعت على أعمال من فلسطين والسودان ومصر والجزائر.
-
الطويل الروائي: تتويج الفيلم المصري “ضي” كأفضل فيلم روائي أول، بينما فاز “أناشيد آدم” (العراق) بجائزة الفيلم الثاني، و*“أرزة”* (لبنان) بجائزة أفضل فيلم، أما لجنة التحكيم فاختارت فيلم “سلمى” (سوريا).
كما ذهبت جائزة الجمهور إلى فيلم “جريرة”، وحصل المخرج ريكا برزنجي على جائزة أفضل مخرج عن فيلم “ندم”. أما جائزة أفضل ممثل فكانت من نصيب بكر خالد، في حين اقتنصت إسلام مبارك جائزة أفضل ممثلة عن مشاركتها في الفيلم المصري “ضي”.
“ضي”.. رحلة إنسانية على الشاشة
الفيلم المصري “ضي” كان العلامة الأبرز في المهرجان بعد فوزه بجائزتي أفضل فيلم روائي طويل أول وأفضل ممثلة. الفيلم من تأليف هيثم دبور وإخراج كريم الشناوي، ومن بطولة بدر محمد، أسيل عمران، إسلام مبارك، وحنين سعيد، إضافة إلى إنتاج مشترك بين أحمد يوسف وهيثم دبور وكريم الشناوي.
تدور أحداث الفيلم حول طفل نوبي يعاني من مرض الألبينو، ويخوض رحلة مليئة بالتحديات من أقصى جنوب مصر إلى شمالها لتحقيق حلمه في الغناء، بمساعدة معلمته وعائلته التي تواجه الانقسام.
مشاركة نجوم وضيوف شرف
“ضي” تميز بحضور نخبة من أبرز النجوم العرب كضيوف شرف، في مقدمتهم الفنان محمد منير في عودة طال انتظارها للسينما، إلى جانب أحمد حلمي، محمد ممدوح، صبري فواز، تامر نبيل، عارفة عبد الرسول، ومحمود السراج. هذه الأسماء أضفت على الفيلم قيمة فنية وجماهيرية استثنائية.
إشادات نقدية
العمل نال إشادات نقدية مبكرة، إذ وصفه الناقد طارق الشناوي بأنه يمتلك “مفتاحًا خاصًا لجذب الجمهور”. بينما اعتبر الناقد محمود عبد الشكور أن الفيلم “رحلة إنسانية قادرة على كسر الخوف وبث الأمل”.
عودة بغداد إلى المشهد السينمائي
إدارة المهرجان كرّمت أيضًا لجان التحكيم التي ضمت أسماء لامعة مثل غسان مسعود، بشرى، وحسن أبو العلا، إلى جانب نقاد وفنانين من العراق وتونس ومصر.
واختتمت الدورة بالتأكيد على أن بغداد استعادت دورها كمنبر للثقافة والفن، ورسالة للسلام، ليبقى المهرجان جسرًا يربط المبدعين العرب ويجعل من السينما لغة للتلاقي والتفاهم.
طنجة الأدبية

