أسدل مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الثانية والثمانين الستار بعد عشرة أيام من العروض التي وُصفت بأنها الأبرز منذ سنوات، حيث اجتمع على شاطئ الليدو مزيج من ألمع نجوم هوليوود وأهم المخرجين العالميين. الدورة التي امتدت من 27 غشت إلى 6 شتنبر 2025 أظهرت بوضوح أن السينما، رغم الأزمات التي تعصف بدور العرض التقليدية، لا تزال فناً نابضاً بالحياة.
الجائزة الأرفع “الأسد الذهبي” ذهبت هذه السنة إلى فيلم “أب، أم، أخت، أخ” للمخرج الأميركي جيم جارموش، وهو عمل مؤثر جمع أسماء لامعة مثل كايت بلانشيت وآدم درايفر وفيكي كريبس وتوم ويتس. أما الفيلم التونسي “صوت هند رجب” للمخرجة كوثر بن هنية، والذي أبكى الحاضرين في عرضه الأول وحظي بتصفيق استمر 21 دقيقة، فقد نال جائزة لجنة التحكيم الكبرى (الأسد الفضي). العمل يروي مأساة طفلة فلسطينية تبلغ ست سنوات نجت من مجزرة إسرائيلية وظلت تناشد العالم لإنقاذها. في كلمتها المؤثرة، أهدت بن هنية جائزتها للهلال الأحمر الفلسطيني ولمن يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين في غزة.

جائزة أفضل إخراج كانت من نصيب الأميركي بيني سافدي عن فيلم “آلة التحطيم”، وهو أول تجربة له بعيداً عن شقيقه، وفيه قدّم دواين جونسون أول دور درامي جاد في مسيرته. بينما خطف الإيطالي توني سيرفيلو الأضواء بفوزه بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم “النعمة” لباولو سورينتينو، وعادت جائزة أفضل ممثلة للصينية شين تشيلي عن فيلم “تشرق الشمس علينا جميعاً”. أما جائزة السيناريو فذهبت للثنائي الفرنسي فاليري دونزيلي وجيل مارشان عن فيلم “في العمل”.
المهرجان لم يخلُ من التكريمات المؤثرة، إذ منح الأسد الذهبي لإنجاز العمر إلى المخرج الألماني الكبير فيرنر هرتزوغ، والذي تسلم الجائزة من فرانسيس فورد كوبولا. كما خُصصت لحظة مؤثرة لتوديع أسطورة الموضة جورجيو أرماني الذي رحل عن 91 عاماً، وسط إشادات بدوره في وصل الموضة بالسينما والفنون.
قسم “آفاق” كان بدوره حافلاً بالمفاجآت، إذ فاز المكسيكي ديفيد بابولوس بجائزة أفضل فيلم عن “على الطريق”، بينما توجت الممثلة الإيطالية بينيديتا بوركارولي كأفضل ممثلة عن فيلم “اختطاف أرابيلا”، ونال جياكومو كوفي جائزة أفضل ممثل عن فيلم “عام من المدرسة”. كما ذهبت جائزة أفضل إخراج إلى الهندية أنوبارنا روي عن “أغاني الأشجار المنسية”، ونال الياباني أكيو فوجيموتو جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن “أرض ضائعة”.
وشهدت الدورة زخماً فنياً غير مسبوق بمشاركة أعمال بارزة من أسماء مثل يورغوس لانثيموس، بارك تشان-ووك، لوكا غوادانيينو، أماندا سيفريد، جوليا روبرتس، وجود لو الذي جسّد شخصية بوتين في “ساحر الكرملين”. كما عُرض فيلم “في يد دانتي” بمشاركة كوكبة هوليوودية تضم آل باتشينو وجيرارد بتلر وجيسون موموا.
بهذه التظاهرة التي جمعت الفن السابع بالأزياء والعمارة والفنون، أثبت فينيسيا أنه ليس مجرد مهرجان سينمائي بل حدث ثقافي شامل يعيد التأكيد على أن السينما ما تزال قادرة على لمس القلوب وتحريك الضمائر.
طنجة الأدبية

