الرئيسيةالأولىسلسلة : شذرات رمضانية 22. القلب… وما أدراك ما القلب (الجزء الثاني)

سلسلة : شذرات رمضانية 22. القلب… وما أدراك ما القلب (الجزء الثاني)

رمضان
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ” (آل عمران)

حين يكون القلب في مواجهة الفتن
القلب هو ميزان الإيمان، ومصدر القرار، ومستودع النور أو الظلام. لذلك، لم يكن غريبًا أن يكون أول ما يُفتن في الإنسان عند المحن هو قلبه، فيزداد ثباتًا أو يهوي في الضلال.
ففي عصرٍ تهيج فيه الفتن كما يهيج موج البحر، من فتن الشهوات إلى فتن الشبهات، يصبح الحفاظ على القلب الطاهر أصعب التحديات، إذ قال رسول الله ﷺ: “تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودًا عودًا، فأيّ قلبٍ أُشربها نُكِتَت فيه نُكتة سوداء، وأيّ قلبٍ أنكرها نُكِتَت فيه نُكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين: قلبٍ أسود مُربادًّا كالكوز مُجَخِّيًا لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا، إلا ما أُشرب من هواه، وقلبٍ أبيض لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض” (رواه مسلم).

فكيف نحفظ قلوبنا وسط هذا السيل الجارف من الفتن؟
والقلب يُفتن بنوعين من الفتن:
1. فتن الشبهات: حيث يختلط الحق بالباطل، ويجد الإنسان نفسه في حيرة في اختيار أسلم الطرق، فيضعف يقينه. قال الله تعالى: “فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ” (آل عمران: 7).
2. فتن الشهوات: حيث تستحوذ اللذات على القلب، فينسى العبد طريقه إلى الله، قال تعالى: “وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا” (الأنعام: 70).
وكلا النوعين يُميت القلب، فيتحول من قلبٍ حيٍّ نابضٍ بالإيمان، إلى قلبٍ مريض، ثم إلى قلبٍ ميتٍ غارقٍ في الغفلة.
كيف نحمي قلوبنا من الفتن؟
1. بدوام الذكر والاستغفار: فالقلوب تصدأ، ودواؤها ذكر الله، كما قال النبي ﷺ: “إنّ القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، قيل: وما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: ذكر الله” (رواه البيهقي).
2. بالتعلق بالقرآن الكريم: فهو نور القلوب ودواء النفوس، ومن استضاء به لم يضل.
3. صحبة الصالحين: فالقلوب تتأثر، ومن عاشر الصالحين طابت روحه، ومن رافق الغافلين فسدت نفسه.
4. مجاهدة النفس والهوى: قال رسول الله ﷺ: “المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله” (رواه الترمذي)

قلبٌ بين النور والظلمة
قلبي يُنادي في الظلامِ بأنَّهُ
قد ضاعَ بينَ مُتقٍ وعَصيانِ
كثرة الشُّبهاتِ تُطفئُ نُورَهُ
والرُّوحُ تَشكو لوعةَ الحِرمانِ
لكنَّهُ في الذِّكرِ أحيا نفسَهُ
وأضاءَ في ظلماءِ هذا الزَّمانِ
لا تيأسنَّ إذا غدا مُتعَبًا
فالنُّورُ في القرآنِ والإيمانِ

ختاما فالقلب إذا هو الامتحان الأكبر، إذا كنت تريد معرفة حالك مع الله، فانظر إلى قلبك… هل هو عامر ممتلئ بذكره؟ هل يشتاق للقرب منه؟ هل يخشع عند سماع آياته؟ إذ القلب هو أمانتك في هذه الدنيا، فإن حفظته، حفظك الله، وإن أضعته، ضعت في فتن الدنيا.

بقلم: هشام فرجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *