حلقات رمضان وكتاب: رحلة في الفكر والتأمل
الفلسفة السياسية النسوية سؤال السيادة والكونية في فكر سيلا بنحبيب
من تأليف :د عزيز الهلالي
الحلقة : 16 العودة إلى هيغل: سيلا بنحبيب ويوديث باثلر
لعل العودة المشتركة للهيغيلية بين بنحبيب وباثلر تحمل أكثر من دلالة، لقد أنجزت بنحبيب أطروحتها حول موضوع “هيغل والحق الطبيعي: بحث في الفلسفة السياسية الحديثة”. بالمقابل أنجزت باثلر أطروحتها حول “موضوعات الرغبة: الانعكاسات الهيغيلية بفرنسا في القرن العشرين”.
تحاول بنحبيب أن تتلمس إجابتها عن الإشكالية التي تصاحبها، من خلال فينومينولوجيا الروح وفلسفة الحق الطبيعي ومفهوم الدولة. وفي هذا الصدد، تعتبر هيغل من الفلاسفة الأوائل الذين فكروا بشكل نسقي في “إشكالية الحداثة، من خلال دعامات أساسية تقوم عليها الدولة: الأخلاق، المساواة، والحياة الإثنية”.
تحمل باثلر نفس التقدير تجاه هيغل، لقد عادت إلى محاورته مرتين:مرة من خلال كتابها “الحياة النفسية للسلطة”(1997). ومرة أخرى من خلال مقال لها تحت عنوان “الهيغيلية، المذهب النسوي والفينومينولوجية”. وهذه العودة المتكررة سبق وأن أفصحت عن إستراتيجيتها في مقدمة الطبعة الثانية من كتابها ” موضوعات الرغبة:الانعكاسات الهيغيلية بفرنسا القرن العشرين”،حيث اعتبرت أن عملها ليس تحليلا شاملا للحركة الهيغيلية الفرنسية ولا عملا فكريا تاريخيا، الأمر يتعلق ببحث نقدي حول العلاقة بين الرغبة والاعتراف.
نتساءل إذن، لماذا هذا الإصرار نحو العودة إلى هيغل؟ نعرف أن عودة باثلر لم تكن فردية، بل جاءت في سياق جماعي يشمل الفلاسفة الفرنسيين، مثل: كوجيف وهيبوليت وفوكو ودريدا وألتوسير…فالسؤال الأساسي هو: كيف استقبل هؤلاء الفلاسفة الهيغيلية؟ أو بمعنى أصح، كيف استقبل فلاسفة ما بعد الحداثة الهيغيلية؟
لم تكن بنحبيب بمنأى عن هذه العودة الجماعية. فالجيل الثالث لمدرسة فرانكفورت (أكسيل هونت،بنحبيب…) كان مشدودا على المستوى النظري بخيوط الفلسفة الهيغيلية. وهذا الانشداد لم ينج منه راينر فورست (*)(Rainer Forst) (1964- ) وهو من أبرز وجوه الجيل الرابع للمدرسة النقدية. فما دلالة هذه العودة المشتركة نحو الهيغيلية، سواء من جانب النظرية النقدية أو من جانب ما بعد الحداثة؟