الرئيسيةأخبارتطوان: لقاء أدبي يحتفي بالمنجز السردي القاصة حكمت ويدان

تطوان: لقاء أدبي يحتفي بالمنجز السردي القاصة حكمت ويدان

القاصة حكمت ويدان
نظمت جمعية ناقوس للثقافة والفنون يوم 27  يناير 2025، بفضلءفندق دريم dream بتطوان ، لقاء أدبيا  رفيعا، حضره ثلة من الأكاديميين، والنقاد والمبدعين وجمهور من المثقفين والمهتمين؛ احتفي فيه من خلال قراءات نقدية  وشعرية بالكاتبة والشاعرة حكمت ويدان التي أصدرت أضممومتها القصصية الأولى : أراك لا كما أنت، عن دار النشر بيت الحكمة بتطوان.
    أشرف على تقديم وتسيير الجلسة النقدية الدكتور سعيد يفلح العمراني، التي شارك فيها كل من الدكتور أحمد رزيق – القادم من البيضاء-، والتطوانيان الفهريان، الدكتور محمد الفهري، والدكتور يوسف الفهري.
   استهل د. أحمد رزيق مداخلته التي وسمها ب” فتنة الحكي في أراك لا كما أنت للكاتبة حكمت ويدان – محورية الذات ودينامية الدلالة”. في المحور الأول الذي وسمه بمداخل انطباعية:
– أولاها كان إحساس القارئ لنصوص المجموعة بالألفة ودفء التفاعل معها.
– ثانيها: تميز الكاتبة وتفردها بأسلوبها في السرد والحكي.
– ثالثها: اختيار مبدعة من جنس النساء ودلالاته الأنثوية.
ـ رابعها: وعي الشاردة بالكتابة القصصية وتقنيات كتابة القصة.
ـ خامسها : تقديم مجموعة من الأسئلة من قبيل :  ماهية الكتابة عند حكمة ويدان، النثر والشعر عند الشاردة وتنافذهما.
     المحور الثاني تناول فيه الناقد محورية الذات في نصوص أراك لا كما أنت، في سياقات التشكل تأخذ هذه الذات صورا متعددة، في صور منها تنحاز الكاتبة إلى الذوات الاجتماعية، وفي أخرى تميل فيها لمساندة ذوات جنسها ضد الٱخر(الرجل)، بحيث تحتقن هذه العلاقة بهذا الأخير وتتغير من علاقة مبهمة مشوشة، وعلاقة صدامية وتارة علاقة حب.
        فهي ذات محورية متعددة المداخل يطبعها كثافة حضور الذات الأنثوية على مستوى السرد أو على مستوى الخطاب( القصة الثانية والخامسة مثلا) ، فهي ذات منفتحة من تبني الموقف ، ليست سلبية. وهي ذات متعددة ليست واحدة، فهي متشظية لكل جزء له قانون خاص.
    بالنسبة للشق الثاني من المداخلة، الذي يهم دينامية البنية الدلالية فقد تأسست على تيمة مركزية موحدة( وهي بمثابة خيط ناظم بين كل قصص المجموعة) تمثلت في حضور موضوع المرأة.
   كما انبنت قصص حكمت ويدان على ثنائيات ضدية منها تتشكل الأحداث، الغرض منها إقحام المتلقي، وتقوية الخط الجمالي. وهي مبنية على ثنائيات عدة: ثنائية الانفصال والاتصال(التحول في أحداث القصة) ، وثنائية البداية والنهاية، وثنائية الرغبة والإحجام.
    وقد أنهى د. أحمد رزيق مداخلته بالإشارة إلى قيمة العمل الذي أبدعته حكمت ويدان ، معتبرا إياه عملا جيدا، رغم أنه أول إصدار لها في هذا الجنس الأدبي، الذي طالما يعتبره النقاد عملا مؤسسا لما سيأتي.
             في المداخلة الثانية، تناول الكلمة الأكاديمي والناقد الدكتور محمد الفهري الذي وسم قراءته ب ” الكينونة والمظهر في المجموعة القصصية أراك لا كما أنت”، الذي اعتبر الأضمومة مخالفة في الرؤيا، قد ينتج عنها تشويش قد يحمل أكثر من قناع، وهو ٱنئذ تكون كينونة الإنسان غير مظهره، بمعنى عكس ما يظهره للناس، وهذا هو شأن معظم الشخصيات التي تتحرك في قصص الأستاذة حكمت ويدان.
    وبعد التعريف بالمجموعة، عرج على معالجة بعض قصص المجموعة، من خلال الأدوات التي اشتغلت عليها الشاردة في بناء قصصها، معتمدة في ذلك على تقنية البطل المحوري بالتركيز على التدافعات التي تحصل في المجتمع،  من خلال العتبات واستهلالات القصص التي تميزت بالتنوع والتكثيف والتبئير.
               ومثالا على ذلك، أخذ الناقد محمد الفهري ثلاث نماذج قصصية يستعرض من خلالها أسلوب حكمت ويدان في سرد حكاياتها، من بينها أقصوصة ذهب وملح وبدايتها كانت ب: يحكى أن …مشيرا أن هذا النمط من الحكي امتاحته الكاتبة من الحكي القديم …..
   ومن خلال دراسة هذه النماذج وغيرها، يصل الناقد إلى نتيجة، مفادها أن معظم أبطال شخصيات المجموعة يبحث عن نقطة ارتكاز يجاري بها قلقه وتوتره، إلى أن تأتي لحظة التنفس أو التحول المفاجئ، مستشهدا بمثال أول مشهد من رواية الكاتبة المغربية الفرنكوفونية ثريا ولهري la répudiée …( ويمكن العودة في هذا المقام إلى مقالة إلكترونية لسيدي عبد الله زريوال سماها ب: les fondements culturels  du féminisme dans La répudiée de Touria Oulehri).
        فيما يطل الطابع الواقعي مهيمنا على كل قصص المجموعة من قبيل ( العقد، التضحية ، الورطة، الخوف والغفلة..).، في نماذج شخصيات تختارها الساردة بدقة ، تحضر مرة بأسمائها محددة، وأحيانا بعلامات دالة ومجهولة، يبرز الملمح الذاتي فيها شاخصا في أحايين كثيرة.
           وختم الناقد هذه القراءة بهذه الملاحظات الموجزة: اللغة المستعملة لغة واضحة معبرة ومنسابة، تساهم في إتقان التوصيف والتكثيف، ميسمها الاختلاف والمغايرة، مما ميز أسلوب القاصة بلغة خاصة، اعتمدت في خطابها البنية الاستفهامية التي تزيد الوضعوالموقف توترات.
        المحكي تم تبئيره من خلال الشخصية المركز، فيما صيغ الحوار المباشر وغير المباشر( الحوار الداخلي)  تتردد حين تخلو الشخصية وتنكفئ على نفسها. والمميز في لغة الحوار استعمالها الفصحى فقط. كما وظفت مظهرا ٱخر لتنويع الأسلوب، وهو لغة الحلم.
       خاتمة القراءات النقدية كانت من نصيب الأكاديمي والناقد الدكتور يوسف الفهري، وورقته حملت عنوان :
تجلي الجميل في القصص القصيرة، من خلال أنموذج المجموعة القصصية أراك لا كما أنت لحكمت ويدان، مشيرا إلى تعدد المداخل القراءة النقدية، وتجاوزها إلى مفهوم القارئ الذهني كما يتبناها أحد رواد نظرية التلقي إيزر، مكتفيا بذلك ومشاركا ببعض الهواجس النقدية في قراءة النص القصصي.

   – القصة وهواجس الجميل في التيمة أو الموضوعة، مستشهدا بمقولة توماشفسكي حول المبدأ الموحد للبنية القصصية هو الفكرة العامة أو التيمة ،  وباعتبار هذه المفارقة يمكن التأكيد على أن بعض النقاد اعتبر القصة أصعب من الرواية لما فيها من تكثيف للرؤيا من بوتقة الحياة ككل، وحيث أنها في زمن جد محدد ونريد أن نلخص ونكثف الرؤياـ بمفهوم لوسيان كولدمان وغيره- إلى الحياة بتيمات متعددة ومشتركة.، بالمعاني مطروحة في الطريق كما ذكر الجاحظ
        – المعاني والتيمات : باعتبار الجنس الأدبي هو استيعاب للتيمة، يكون مرجعه بيئة الكاتب والتراث الأدبي، نصير بها إلى وحدات تيماتية ، ومن بينها التيمات الجمالية، وأسستها تصورات أطرت مفهوم الخلفية الجمالية ( أفلاطون , ماركس…).
   فأي عمل – بتعبير د. الفهري- مرتبط بنسق تاريخي، وقراءة هذا العمل مرتبط بوعي هذا النسق واستيعابه، واستشهد في هذا المقام بقولة مشهورة  لأحد أبرز الأدباء الروس ،تيودور دوستوفسكي حين قال: كلنا خرجنا من معطف غوغل، مضيفا أن ما وسم القصة العربية هي انفصالها عن الوعي بالتراث بسبب تبني العديد من الكتاب في مرحلة منها بالتشكيل الإيديولوجي اليساري وغيره، قبل أن تبدأ من التخلص من هذا التأثير مؤخرا.
   وتأسيسا على ما سبق انطلق الناقد  د، يوسف الفهري في تحليل رؤية القاصة في منتجها الإبداعي محاولة من مضامين ومعاني تجربتها ( الانعتاق من الشعر لتدخل في أفق السر) خلق جديد لجمالية العالم ، بدءا من عتبة الصورة ( لوحة الفنان الفرنسي كلود منيه)، وقراءة قصص المجموعة هو في حد ذاته بحث عن الجميل بمفهوم الناقد كدامير.
     بالنسبة للتيمة الأساسية تراهن على ثنائية الحياة والموت ، وتيمة الموت أقرب في الحضور في قصص حكمت ويدان، فللموت صور للجمال ورمز لمدلولات جمالية.
     توجت هذه القراءات المحتفى بها القاصة حكمت ويدان، بقراءة لقصتها عاشت من المجموعة القصصية: عاشت النساء.
          واعقب هذه الجلسة النقدية، قراءات شعرية لكل من : الشاعرة سعاد بازي والشاعر اسماعيل السخيري والشاعرة سعيدة أكدي و الشاعر عماد بوعزيزي،  وتكريم كل من مدير مركز التفتح الأدبي والفني، الأستاذ يوسف الضعيف، والإعلامي الأستاذ محمد سعيد الأندلسي مدير مجلة رائدات،.
      واختتم هذا اللقاء الأدبي، بحفل شاي على شرف المدعوين و بتوقيع القاصة لمجموعتها القصصية” أراك لا كما أنت”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *