نظمت مؤسسة الفقيه التطواني، مساء الخميس بالرباط، حفل تسليم “جائزة العلامة المختار السوسي” كجزء من مشروعها الثقافي “ذكرى الوفاء”، الذي يهدف إلى تكريم أعلام الفكر والثقافة المغربية من خلال الاحتفاء بالأبحاث الأكاديمية الجادة التي تناولت أعمالهم. أقيم الحفل بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وحضره نخبة من الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية، وشهد تكريمًا خاصًا لإرث العلامة المختار السوسي الذي يعد أحد رواد النهضة الفكرية بالمغرب.
تميزت المناسبة بإلقاء كلمات وشهادات تناولت إسهامات العلامة المختار السوسي في إثراء الخزانة المغربية والعربية بمؤلفات فريدة، فضلاً عن مساهمته في إبراز الثقافة الأمازيغية وترسيخ التعددية الثقافية. وقد أكد المتحدثون أن المختار السوسي يجسد نموذجًا فريدًا في المزج بين القيم الثقافية والهوية الوطنية، مع التركيز على التلاحم الحضاري بين العربية والأمازيغية.
ألقى رئيس المؤسسة، أبو بكر الفقيه التطواني، كلمة أكد فيها أن هذه الجائزة تمثل محطة أساسية ضمن مشروع “ذكرى الوفاء” الذي يهدف إلى تخليد أسماء رموز الفكر المغربي. وأضاف أن الجائزة ستُمنح سنويًا باسم شخصية فكرية بارزة، تكريمًا لأعمالها ودعمًا للأبحاث التي تسلط الضوء على إسهاماتها.
من جانبه، عبّر رضا الله عبد الوافي، نجل العلامة المختار السوسي، عن تقديره العميق لمبادرة المؤسسة في تسليط الضوء على إرث والده، مشيرًا إلى أن هذا التكريم يشكل حافزًا كبيرًا للباحثين لمواصلة دراسة أعماله. كما أعلن عن قرب إصدار كتاب جديد بعنوان “التراتبية في الكشف والبيان عن مؤلفات المختار السوسي حسب الزمان والمكان”، الذي يُتوقع أن يكون مرجعًا مهمًا في دراسة تاريخ وإرث العلامة.
وضمت اللجنة العلمية للجائزة نخبة من الأسماء البارزة في الساحة الفكرية المغربية، مثل أحمد عصيد وعمر حلي ولطيفة باقا، الذين أكدوا أن الجائزة تأتي كاعتراف مزدوج، بشخصية المختار السوسي الفريدة وبالجهود الأكاديمية المبذولة لاستكشاف فكره. وأوضح أحمد عصيد أن اختيار العمل الفائز ارتكز على معايير دقيقة تشمل الطابع الأكاديمي، الجهد المبذول، والاقتراب من روح العلامة المختار السوسي وشخصيته.
وقد تم الإعلان خلال الحفل عن فوز الباحث محمد خليل بالجائزة، حيث تسلم الدرع التكريمي من يدي محمد أمين بنعبد الله، رئيس المحكمة الدستورية، تقديرًا لإسهاماته الأكاديمية التي عكست عمق فكر المختار السوسي وإسهاماته الثقافية.
وأكدت المؤسسة في إعلانها عن الجائزة أن اختيار اسم العلامة المختار السوسي جاء نظرًا لما يمثله من رمزية وقيمة فكرية باعتباره من أبرز رواد الثقافة المغربية. وأشارت إلى أن شخصيته تجسد التلاحم بين اللغتين الرسميتين للمغرب، العربية والأمازيغية، في تفاعل حضاري غني يعكس الهوية الوطنية بمختلف مكوناتها.
وتأسست مؤسسة الفقيه التطواني عام 2010 بهدف الحفاظ على ذاكرة وتراث الفقيه التطواني، بالإضافة إلى المساهمة في التعريف بأعلام الفكر والثقافة المغربية. وتسعى المؤسسة من خلال مشاريعها المتنوعة، وعلى رأسها “ذكرى الوفاء”، إلى ترسيخ قيم العلم والثقافة بين الأجيال الشابة ودعم الإبداع الفكري الوطني.
يعكس هذا الحدث التزام المؤسسة بتعزيز الهوية الثقافية المغربية من خلال تسليط الضوء على رموزها الفكرية وإبراز إسهاماتهم. ويعد مشروع “ذكرى الوفاء” خطوة هامة نحو حفظ التراث الفكري الوطني ودعم الباحثين المهتمين بالتاريخ الثقافي للمغرب.