ألقى الكاتب والشاعر المغربي محمد الأشعري، وزير الثقافة الأسبق، درساً افتتاحياً لصالون “النبوغ المغربي” الذي تنظمه المديرية الجهوية للثقافة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، حيث ناقش موضوع “الأدب والتغيير” في قصر الثقافة والفنون بطنجة، وسط حضور مميز من المثقفين والنقاد وعشاق الأدب. تناول الأشعري من خلال الدرس قضايا تتعلق بدور الأدب في التأثير المجتمعي، وخاصة في عصر التكنولوجيا والسرعة.
اختيار الأشعري لافتتاح الموسم الثقافي الجديد يعكس تجربته الطويلة في الربط بين الأدب وإصلاحات المجتمع، حيث اعتبرت الجهة المنظمة أنه “يمثل صوتاً يربط الإصلاح الثقافي بضرورة توطيد دور التربية والتعليم كدعامات أساسية للتغيير”.
في استعراضه للأبعاد المتعددة للأدب، تطرق الأشعري إلى سؤال حول جدوى الأدب اليوم، حيث يتغير نمط الحياة ويعتمد الناس على الوسائط السريعة في تلقي الأخبار والمعلومات، موضحاً أن الأدب قادر على تقديم بُعد إنساني عميق حتى في عصر السطحية المتسارعة، وأن الأدب يلبي أحياناً حاجات تفوق حدود اللغة والكلمات، فهو يحمل طابعاً “سحرياً” يلامس ما هو أعمق في النفس البشرية.
وتحدث الأشعري عن قدرة الأدب على التقاط التحولات الاجتماعية والنفسية غير المرئية، قائلاً: “الأدب هو فن التقاط التغييرات الاجتماعية قبل أن تصبح واقعية، فهو يحمل طاقة استباقية تتجلى في الإبداع الروائي والشعري، ما يجعله قادراً على التنبؤ بالتحولات والمساهمة في التغيير”.
من جانبها، أكدت إدريسية طالع، رئيسة مصلحة الشؤون الثقافية بالمديرية الجهوية، أن استضافة الأشعري جاءت لتعزز المشروع الثقافي والمجتمعي، مشيرة إلى أن طنجة تتخذ من الأدب “بوابة لملاقاة الثقافات” وتعزيز حضورها كمدينة عالمية ذات طابع متوسطي.
وفي ذات السياق، تناول الشاعر والناقد محمد العناز جانباً من أعمال الأشعري، مشيراً إلى أن أسلوبه الروائي يحطم “المقولات الجاهزة” في الرواية العربية، من خلال رؤية حداثية شاملة تحتفي بالإنسان بعيدا عن التنميط. وأضاف أن رواية “القوس والفراشة” التي تعد أحد أعمال الأشعري البارزة، تطرح مواضيع إنسانية وتاريخية عميقة، بينما تعالج رواية “من خشب وطين” قضايا بيئية، معتبراً أن هذه الأعمال تدفع القارئ للتفكير في قضايا عالمية بطريقة أدبية مبتكرة.
بهذه الكلمات، أطلق محمد الأشعري صالون “النبوغ المغربي” بأفق واسع للمناقشة، حيث يرى في الأدب قوة ناعمة تساهم في التغيير، ودوراً حيوياً في ربط الماضي بالمستقبل، في ظل تحديات العصر الرقمي.