في مشهد عكس بعمق معاني الحوار الثقافي والحضاري بين الشعوب، استمتع جمهور الدورة الثالثة والخمسين للمهرجان الوطني للفنون الشعبية، مساء الجمعة الماضي بمراكش، بعرض فني جمع بين إيقاعات ونغمات من التراث العيساوي العريق، ورقصات صينية وبوركينابية. جسد العرض رسالة فنية عميقة تهدف إلى تقريب الشعوب رغم الفوارق الجغرافية والاختلافات اللغوية والدينية والعرقية.
وقد أظهرت اللوحة الفنية التأثير القوي للتراث المغربي الأصيل على نفوس الشعوب الأخرى، حيث وجد الفنانون المشاركون من الصين وبوركينا فاسو أنفسهم في تناغم تام مع إيقاعات الموسيقى العيساوية والأشعار الصوفية للإمام “الشيخ الكامل محمد الهادي بن عيسى”.
تألق الفنانون الشباب من الصين وبوركينا فاسو بعروض فنية من تراثهم الوطني الشعبي على منصة قصر الباهية الزاهي، حيث قدموا أشكالاً فرجوية مبهرة. ثم انضموا إلى مجموعة من الطائفة العيساوية بمراكش، حيث تألقوا في أداء شطحات صوفية جسدت وحدة الثقافات والأرواح.
وفي فضاء قصر الباهية، قدمت فرقة صينية تقليدية من طلاب إحدى الجامعات الصينية “رقصة الأسد”، التي تعبر عن الحكمة والقوة والحظ السعيد في التراث الشعبي الصيني. أثارت الرقصة إعجاب الجمهور المغربي، حيث قدمت على إيقاعات الصنوج وطبل كبير، ما قرب الحضور من هذا الشكل الفرجوي الصيني الفريد.
كما قدمت مجموعة من الطالبات الفنانات “رقصة الياسمين”، التي تعبر عن الطبيعة والجمال، حيث أبدعن في تشكيل لوحات فنية باستخدام أجسادهن الحيوية ومظلاتهن الجميلة.
في لحظة إنسانية رائعة، قدم اليافع الصيني “أوكون ايوان” (15 سنة) عرضاً موسيقياً على منصة قصر الباهية بقيثارته المُدَوزنة على النمط الصيني العصري، حيث تفاعل الحضور بتصفيقات مشجعة.
استمرت الفقرات الفنية بإبداعات صينية أخرى مثل “رقصة رونق طائر”، حيث أبدعت فتاتان في تجسيد طائر يرمز للحرية برشاقة فائقة.
كما استضافت الأمسية فرقة “ييريبا أفريكا” من بوركينا فاسو، التي قدمت عرضاً راقصاً رائعاً بإيقاعات موسيقية سريعة ومعقدة تفاعلت معها أجساد أعضاء الفرقة ببراعة ودقة.
واختتم الجمهور الأمسية بالاستمتاع بفن عيساوة من جمعية النسيم للفنون التراثية بقيادة المقدم يوسف زوزو، وبوصلات كناوية للفنان عثمان حميتي.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة، التي تنظم تحت شعار “الإيقاعات والرموز الخالدة”، تشهد مشاركة مئات الفنانين يمثلون أكثر من 30 فرقة فلكلورية من المغرب، بالإضافة إلى فرق فنية أجنبية من الصين وإندونيسيا وبوركينا فاسو.