وسط نخبة من الفنانين والفنانات، وعشاق الفن التشكيلي، والإعلاميين، افتتحت الفنانة التشكيلية نعيمة زمرو، مساء اليوم الجمعة 5 يوليوز 2024، معرضها الفردي الجديد، وذلك برواق الدار الروسية، الكائن بشارع النصر بالعاصمة الرباط.
وقصت الفنانة زمرو الى جانب مدير المركز الثقافي الروسي، شريط افتتاح هذا المعرض، الذي يمتد على مدى أسبوع، تحت شعار”سفر مع الألوان” وذلك في إطار فعاليات النسخة 11 من مهرجان الفنون التشكيلية، بدعم من المركز الروسي للعلم والثقافة والدار الروسية بالرباط.
وقدمت الفنانة في معرضها الجديد، فيضا من اللوحات الموحية، التي تمتح من عوالم ساحرة، تراقصها الألوان بشكل بديع، يجعل من الفن التشكيلي لدى الفنانة نعيمة، رقصة تجريدية ليست ككل الرقصات.
كما برعت فنانتنا الرقيقة في استماله الجمهور، إلى رؤاها الفنية المبهرة، وذلك من خلال حركة الريشة الخفيفة وجمالية الألوان، وتقنيتها البارعة، التي صنعت أعمالا باذخة تعبر بالرمز حينا، وبالإشارة حينا آخر، في صورة شاعرية لا تخطر على بال.
الشعر في حضرة الفن التشكيلي “النعيمي”، سفر بلا تأشيرة باتجاه اللادرياء، حيث التأمل فضيلة، وحيث مدائن الألوان فضيلة إبداعية من نوع آخر، إنها نوع من الانتشاء الفني الذي ليس له مثيل.
لا مثيل لأعمال الفنان التشكيلية نعمية زمرو، بمعنى آخر، فهي لا ترسم مثل الأخريات، ولا تبدع في جلباب الآخرين، إنها تؤسس لعالمها الخاص بها، عالم، يقطف من الورد أناقة الصباح، ومن الصباح سكينة بحر أمير، يتدفق برقة الشعر، ويمتد حد الأفق المتوهج.
ان الأفق التشكيلي لدى الفنانة زمرو، سفر بعيد، في زرقة بحر له موج الحلم، حين يتدفق على شاطئ العشاق والناسكين، والحالمين بغروب جذاب، وشمس تغطس في البحر وقت الأصيل، كصحن ليمون.
تلك الألوان الدافئة، التي تعطي للجمهور طاقة إيجابية، وتمنح للرائي هدوء ليس ككل راحة نفسية، إنها ألوان السكينة والدفء والهدوء الممزوج، بأحاسيس تحكي الف قصة وحكاية، حكاية اللون التي تنكتب في عمق اللوحات كل مساء، وفي الهزيع الأخير من ليلة مقمرة ووضاءة.
هكذا نستنشق من لوحات نعيمة زمرو، سفرا ثقافيا وفنيا في تراث الأجداد، واراث بلادي، عبر قصبات وأسوار، واقواس، ومدن عتيقة، ورائحة التراب والطين، وعبر عنفوان القبيلة، والدار الكبيرة، وظلال النخيل الذي يسمو بأرواح الأسلاف في الجنوب العزيز.
ألوان نعيمة زمرو، نفحات فنية غربية شرقية، تراقصها نسائم الشمال والغرب على أرجوحة فن جمالي، له حس شاعري، يلامس نبض الفؤاد والخواطر، وجوهر الروح، إنها أعمال تسائل الذات والأخر والكينونة، كما تسائل الهوية والتاريخ، والرقة والرومانسية، التي توجدها على مختلف زوايا اللوحات، وبذلك تحقق علامة التميز في أبهى التجليات.
نعيمة فنانة عصامية، تحب السفر عبر الفنون بمدارسها، موهبتها المتقدة، والتي صقلتها عبر سنين من التجربة، أهلتها، لتكون فنانة مبدعة وفية لابداعها الخالص، أحبت الصباغة والألوان، وأحبت السفر والجمال، وعشقت كل ما له علاقة بالاصالة المغربية والتراث والتاريخ والقيم الإنسانية الكونية والجمالية.
هكذا جاءت لوحات معرضها ، متلألئة كشمس تطل من أفق التمني، تارة تغازل الواقعية واخرى تحتفي بالواقعية الرمزية، وحين تطلق لخيالها العنان، تمارس طقوسها التجريدية بتأثير خلاق، فتكون أسلوب الحلم والسفر، والأحاسيس المرهفة التي لامسها برقة في معرضها.
تلك إذن، هي لوحات الفنانة نعيمة، جواهر تجريدية شاعرية، طيور تحمي المدينة العتيقة من هبات النسيم ذات بحر هائج، انها زرقة بحر مجنون، لا حدود له، انها زليج بلدي مغربي أنيق، ومجرات تختزن عسل التاريخ، انها سماء تضيء بلون الحنين، وبياض فاتن، وتسابيح، ومزهريات، وفسيفساء، وعبق فلسفة.
انها عوالم زرقاء تحاكي أحلام الشعراء والمتصوفة، انها سحر قصبات الجنوب واكسسوارت من زينة بلادي، دماليج لجين، تتدفق من جبة التاريخ والهوية، حيث نشتم رائحة الحناء ذات عرس امازيغي في أقصى الجنوب، حيث الموسيقى والأزياء والأهازيج ودق الطبول وهودج العشق الأبيد.
تلك اذن هي بعض من عوالم الفنانة الساحرة في معرضها الجديد، حيث تسافر عبر الوانها بالجمهور الى ضفاف ساحرة، تكرم خلالها عمق التراث والأصالة المغربية، كما تطلق لجام مهرتها التجريدية لتعدو باتجاه المستحيل، راسمة زوايا سوريالة تجنح لصهيل الخيال، فتتحول الى قصيدة شعرية مطلعها” حين تسافر القصيدة بلون الإيحاء في الزمان والمكان، تركب نعيمة صهوة الحلم، لترسم بلون الزهو الأنثوي، ملحمة تشكيلية لي سلها مثيل”.
طنجة الأدبية