التئم مجموعة من الشعراء والإعلاميين والفاعلين الجمعويين، ليلة السبت 8 يونيو، ضمن فقرة جديدة من برنامج “نوافذ شعرية” بفضاء بيت المعتمد بأغمات. هذه البرمجة التي تسهر عليها دار الشعر بمراكش، في أن تكون نوافذ مشرعة على التجارب والحساسيات وأجيال القصيدة المغربية الحديثة، وأيضا هي نوافذ جديدة تفتح في أمكنة وفضاءات أخرى، ضمن سعي حثيث من الدار لانفتاح برامجها على مدن وجهات أخرى خارج مدينة مراكش.
ثلاث تجارب شعرية بأنماط رؤى مختلفة، تعبر عن راهن الكتابة الشعرية المغربية اليوم، ومنها أصوات شعرية تكشف الدار عن تجاربها لأول مرة. الشعراء: لبنى المانوزي وعائشة إذكير وسعيد التاشفيني اختاروا ديوان نوافذ شعرية، كي يخطوا “زمن الالتباسات الآسر” حيث الذات أمست “مثخنة بجراحاتها وانكساراتها”، وحيث الحياة “تستعيد صوت الشاعر كي يعيد ترميم الخراب”. تعددت تيمات وموضوعات قصائد شعراء نوافذ، وظل الصوت المفرد للشاعر هو الذي يخط المستقبل.
“نوافذ شعرية” هذه الفقرة، التي أطلقتها دار الشعر بمراكش منذ 2017 والتي سعت دوما أن تكون نافذة مفتوحة على تجارب وأجيال الشعر المغربي، استضافت الفنانة مينة الجواوي، والتي قدمت “تقاسيم” على آلة الناي، بين أشجار حديقة بيت المعتمد. لقاء جديد ومناسبة متجددة لجعل القصيدة تحلق بين جنبات عبق التاريخ وسحر الفنون وانفتاح آخر للدار على فضاءات وأمكنة مفتوحة. أطلت الشاعرة لبنى المانوزي، من مواليد مدينة فاس، من لقاء نوافذ على قصيدتها التي انطلقت من “تحت مخدة الكون”(2009)، وتواصلت مع “يوميات كائن عصابي”، لتقدم تجربة شاعرة اختارت صوتا مختلفا وأفقا مغايرا حيث الكتابة تجربة خلاص من العالم:
“وإني بشرت بك أيها الماء/ في لحظة السواد/ صحفا تنار بمدك الأكوان/ أيها النداء الخفي/ الغريب/ إنك لتجذب ردائي إلى ردائي/ بسهام من حبق/ فترتفع حواسي/ وما اختفى مني/ يعود إليك/ يا فانوسا قيدت أسراره/ بعوسج وندى ودم/ إني بشرت بك/ طوفانا رحيما/ بقدمي المجعدة/ أتلوني../ أنا الغريبة عني/ كلما توغلت في أجنحتك/ ولا صدى يبلغني/ مرام الموج/ إني بشرت بك/ سريرا/ ومن حوله رياض / تشكله فراشات/ وأسراب نحل/ تنسج سماء ليعلو/ إني بشرت بك/ يا روحي / المكتومة السائلة كهدير/ بين أصابع الرواة”.
حلت الشاعرة عائشة إذكير، من مدينة الفضة تيزنيت، ب”أنين الروح”/2011، و”أوزان مبعثرة”/2024، وهي العضو النشيط في منتدى الأدب لمبدعي الجنوب، أفردت جناحي اللغة وغردت:
“حبر وأوراق وذي مزني/ تجري على خدي وتنزفني
عبثا أحاول أن أفيق على/ شط رحيب يحتوي سفني
سرا أرتق جرح زنبقة/ فعسى إذا سامحت أرفعني
سألوذ يا دمعا الى قمم/ أخلو الى وجعي وأسعفني”
واختتم ديوان “نوافذ” الشاعر الدكالي السعيد التاشفيني، أحد أبرز الوجوه الثقافية في مدينة الجديدة، والذي “يدين لقاتلته بالحياة” كما هو ديوانه الشعري الأول. واختار “الحياة والكتابة” حيث القصيدة ترياق: “وتلفتت صوبي القصيدة/ خلسة .. في غفلة/ عن كل من في المحفل/ قالت:/ بحقك لاتدع/ ما كان من نجوى/ مساء همست لي/ أرني مباهجك/التي ليس ترى/ إلا لمعشوق لديك مفضل..// (…) / إني القصيدة../ ماتجددت الرؤى/ أحيى بنبض/ الشاعر المتأصل..!!”.
وهكذا تواصل دار الشعر بمراكش، ضمن موسمها الثقافي والشعري السابع، الانفتاح على تجارب وحساسيات وأجيال القصيدة المغربية الحديثة، ومعها ترسخ أفق قيم الشعر وتتحول الدار فضاء للقاء والتلاقي، في دار الشعر والشعراء.. مراكش.