سكبت الشاي، وقعدت قبالته أرمقه بنظراتي، وكأنني أنتظر منه أن يحدثني، أن يخبرني عنك وماذا فعل بنا الزمان، عن نار الاشتياق، وسجن الكبرياء. أتذكر كل ذكرى بيننا، وحبات الشاي تدور في الكأس راقصة وكأنها تغيظني تمنيت حينها أن أخبر الكأس أن قصتنا لم ولن تنتهي، لكن أنى لي ذلك. أفرغتك في كتاباتي في أوراقي، بأقلامي، وكأنها طريق الخلاص. كيف لي أن أخلص من روحي. كتبت لك وعنك وإليك، وخبأتك بعيدا عنهم، لكن كتاباتي فضحتنا، أغرموا بكتاباتي، وأغرمت أنا بك. كتبت عنك، وأخذ بك الحديث وأنا أسمعك تتنقل بين ألسنتهم، فأغار عليك منهم من قلمي الذي تراقص بين الكلمات من أوراقي التي تحمل اسمك أتظن أن هواي عنك منجلي؟ ما عاد الله أن يجرى ذلك، فأنت الكل وكل الكل وإن لم تكن لكنت هربت مهرولة منك إلى كتبي، وقلبت بين الصفحات، لأجدك تحتلها كاملة. حين تحدثت عن البدايات كنت أنت بدايتي، حين تحدثت عن الأمل كنت أملي حين تحدثت عن الخوف كنت أنت خوفي لطالما أخافني جانب منك انبثق منه الظلام رغم انسدال ستارته، وحين تحدثت عن الحب قفز قلبي بأنك محفور فيه. أنا الذي لطالما اتبعت في دراستي المنهج العلمي، وأعلم حق العلم وظائف القلب، وأن الحب يكمن في قرار العقل، تلك أمور لن يسعنا التحدث عنها الآن، فتجاهل وظيفة العقل، ونسبها إلى القلب يعتبر جرما في حق معرفتي، وفي محكمة الحب سألقى جزائي. أرمق كأس الشاي الذي عرض كل الذكريات، والجميع حولي يرمقني بنظرات غريبة، فهم لا يرون ما في الكأس، ولا يعلمون ما تحمل من ذكريات. فهل للنهايات رأي في حكاياتنا وهل للأقدار أن تترك قصتنا؟ كيف لنا أن نعلم سننتظر… سننتظر كما ننتظر الشتاء.
لن أطوي الكتاب، لم ولن أفعل برد الشاي لذا سأترك قلمي، تركت كل الأقلام للأقدار، لتكتب لنا طريقا… طريقا نسلكه.
دعاء الشيحاوي