أقيم زوال أمس الأحد برواق دار النشر اكورا ، في المعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته 29 بالرباط، حفل توقيع الإصدار الجديد للكاتب والمؤرخ المراكشي مولاي عبد الله العلوي (ابن بطوطة في الصين)، قدم من خلاله صاحب مؤلفات (“العالم الآسيوي والاسلام” و”المسلمون في الهند” و “ابن بطوطة في سلطنة دلهي الاسلامية” ..إلخ)، عصارة تجربته في الكتابة الرحلية عن رائدها العبقري الطنجي ابن بطوطة
وقال العلوي في كلمته التقديمية الخاصة بالمعرض ، إن المؤلف الجديد ، “هو امتداد لبحثنا المتواصل في حيوات ابن بطوطة، عبر قطائع زمنية ناهزت 29 حولا، خلال القرن الثالث عشر الميلادي”. مؤكدا على أن “ولعي باكتشاف إضاءات في ثخوم هذه الحيوات، يمنحني الطاقة الكبرى لإعادة تدوير خرائط الرحالة الشهير، تجسيرا لرؤيته المؤرخة “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، وإتقانا للغة القراءة ونشرها واسعا ووعيا حضاريا..”.
وأثار الكاتب في شق هام من الكتاب، مسألة انتقاد الرحالة، ومدى استيعاب قارئيه لرحلاته الأرضية الأسطورية، كالتي أوردها عن الصين، أو الهند والمالديف. وبهذا الخصوص، يتحدث المؤرخ العلوي، عن أن “أكثر النقد وجه لرحلات ابن بطوطة الصينية والهندية”، حيث إن “بعد المسافة والاختلاف الثقافي أدى إلى سوء فهم كبير بين الرحالة وقرائه، أو مستمعيه قبل ذلك، حتى إنه اضطر للقسم ليؤكد أن ما يقوله وما يكتبه صحيح وأنه عاينه”.
وأثار العلوي أيضا، مسألة مواجهة ابن بطوطة لشيخ الإسلام ابن تيمية، خلال ضربه من طرف الجمهور بالجامع الأموي بدمشق، مؤكدا على أن “الأمر لم يحدث إطلاقا، ولم يكتبه ابن بطوطة أصلا. والبعض كتب أن الرحالة أقام في المالديف شهرين فقط، في حين أنه أقام عامين وزيادة، وتولى منصب قاضي البلاد، والأخرون كتبوا أن ابن بطوطة، كان سفير السلام”، مشددا في هذا الصدد، على أن ابن بطوطة كان “سفير زمانه ومرحلته، فقد حارب وقاتل وعلق الرؤوس على أبواب المدن، وكتب عن نفسه عقدا بالإقامة الدائمة في الهند ..”.
في السياق ذاته، أورد الإعلامي والباحث د مصطفى غلمان، خلال كلمة ألقاها بالمناسبة، أن الكتابة عن ابن بطوطة، مغامرة معرفية لا متناهية، وأن إعادة قراءة الذاكرة الرحلية لمدارة ملخص شفيف عن أبعاد مهماته ومغامراته في الصين، يثير أسئلة نقدية جديدة، تتفاعل ودور المؤرخ وآليات خطابه في تثوير سياقات ضافية وعناوين أخرى في خاصرة رحلة قيل عنها الأشياء الكثيرة وظلت مثار خلاف في العديد من تقاطعاتها وأثارها في الكتابات والمراجع.
وأبرز غلمان أهمية، استخلاص الرحلة البطوطية، في الواحة الأثيرة لتقديمات العلوي ومنذوراته. مؤسسا هذا المفهوم، على إسباغ منظومة التاريخ كعلم ومنهاج وسلوك اجتماعي وحضاري ، لما يتضمنه من وظائف وقيم تربوية من شأنها أن تسهم في تأصيل واستثمار جوانب متعددة معرفية ، و بلورة مواقف وقيم أخلاقية.
ومن هذا المنطلق، يضيف المتحدث، جاء اختيار الكاتب لهذه الأقنومة المختصرة لأدب الرحلة، كمحاولة لرصد واستكشاف وظائف التاريخ واحتواء عناصر جديدة داخل بنية نسقية تحتاج لإعادة تدوير واعتبار.
وشهد حفل توقيع الكتاب حضور مثقفين وكتاب وطلبة، من بينهم المفكر المغربي د حسن اوريد والحقوقي والباحث عبد الرحمان دحو ومسؤول الثقافة في السفارة الهندية وفريق عمله..
طنجة الأدبية