في بيان (التجربة والتجريب) والذي صدر ضمن كتاب (البيانات الجديدة للاحتفالية المتجددة) يقول ذلك الفارس الاحتفالي الذي لا يريد ان يترجل ما يلي:
(وعالم متحرك، وكون متحرك، وفنون متحركة، وعلوم متحركة، وأيام متحركة، هل يمكن أن يدرك أسرارها الغائبون والقاعدون والمقعدون؟)
بالتأكيد لا يمكن، فالأمر يتطلب الحضور، في الآن وفي الهنا، وفي الهناك البعيدة ايضا، ويتطلب المعاينة، ويطلب ويتطلب المعايشة، ويتطلب الملاحظة، ويتطلب المواكبة، ويتطلع التجربة، ويتطلب التجربة الحية، ويتطلب فعل التجريب الميداني، ويتطلب أن نعرف إلى أين تتجه عقارب الساعة، وان ندخل مع هذه الساعة في سباق، وأن نكون في الوضع الصحيح، وأن نمشي في الطريق الصحيح، وأن نطرح على أنفسنا الأسئلة الحقيقية، وأن نختبر عبقريتنا في قراءة شفرة الوجود، وأن نراهن على الحق والحقيقي وعلى الأساسي وعلى الحيوي بدل أن نراهن على ما هو كاذب وهامشي ومزيف، وعلى ما هو ثانوي وعرضي عابر، وان نعرف ان هذا الإنسان الذي ننتمي إليه هو روح قبل كل شيء، هو روح ينتمي إلى المطلق، وذلك إلى جانب أنه جسد متحرك في عالم لا يتوقف عن الحركة، ولكنه في وجهه الآخر هو مجرد جثة، أو هو مشروع جثة، طال الزمن ام قصر، وفي عموده الصحفي اليومي، يقول د خالص شلبي في جريدة ( الخبر) المغربية ما يلي
(فعندما تتألق الروح تنضبط الغريزة، وعندما تتبخر طاقة الروح تنفلت الغريزة من عقالها)
والأصل في في المسرح، والذي هو بنية علمية وفكرية وجمالية واخلاقية مركبة، انه طاقة روحية وطاقة وجدانية وطاقة فكرية، قبل أن يكون مجرد لحظة استراحة في الزمن، أومجرد لحظة للتفرج على حيوات الآخرين، وذلك من شرفة المسرح، أو من شرفة السينما، أو من شرفة القصص و الحكايات والأساطسر والخرافات
عن المواطن الاحتفالي في الوطن الاحتفالي
ونحن البوم نقول مع القائلين، بان هذه الحياة التي نحياها، هي اساسا جهاد، وان العيش فيها مجاهدة، وان العلم والفن. الفكر فيها اجتهاد متواصل، هو جهاد ليس له حد، وليس له حدود، وليس له سقف، وهكذا يقول ويكتب ويصرخ الاحتفالي دائما، وذلك في إيمانه بأن درجة الحياة هي أعلى واسمى من درجة الوجود الخام، والذي يمكن أن نتقاسمه مع الشجر والحجر، ومع الزواحف والحشرات ايضا، ومع الأسماك التي في الماء، ومع الطيور المغلقة في السماء، ونؤمن بان اعلى درجة في فعل الحياة، هو أن نفكر، وان يكون لتفكيرنا موضوع، وان يكون له منطق، وان يكون اه سياق يسقوقه، ولهذا يسمح الاحتفالي لنفسه أن يقرا كوجيتو ديكارت المشهور قراءة مختلفة،وأن يجعله يصبح على الشكل التالي:
وبدل ان يكون ( انا افكر فانا موجود) فإنه يصبح في الرؤية الاحتفالية على الشكل التالي :
(انا افكر إذن فانا أحيا حياة فردية
وانا احتفل مع الناس، في احتفالات واعياد الناس، إذن فأنا بهذا الفعل أحيا حياة جماعية واجتماعية مع الناس، وأنا بهذا ايضا كائن انساني اجتماعي، او موطن احتفالي)
وفعل التفكير هو اساسا حق، وقد يكون سيد كل الحقوق، وعندما نمارس هذا الحق، جادين وصادقين، فاننا نكون بالضرورة معرضين للخطأ، ونحن في المشروع الاحتفالي نعتبر أن الخطأ في التجربة، او في التجريب، هو ايضا حق من حقوق الأحياء المجدين والمجتهدين، لأن الموتى فقط هم الذيا لا يخطئون، لأنهم لا يفعلون ولا ينفعلون ولا يتفاعلون، ولهذا يقول الاحتفالي مع علي بن أبي طالب ( ليس من طلب الحق فأخطاه، كمن طلب الباطل فاصابه)
نعم، وهذا هو راينا وقناعتا ايضا، ويشهد الله، اننا في كل مسيرتنا الاحتفالية الطويلة، نسبيا، لم نطلب إلا الحق، ولم يكن يهمنا شيء آخر غير الحقيقة وجمال الحقيقة، ولقد طلبنا الحق، في الفكر وفي الفن وفي العلم وكذلك في علاقاتنا بالعالم، فهل من حق اللائم اليوم ان يلومنا، اذا لم نتوصل إلى كل غاياتنا، وما اكثرها واذا كنا قداخطانا او نسينا؟
ولقد سئل الفيلسوف برتراند راسل يوما السؤال التالي ( هل يمكن أن تموت من أجل افكارك؟) فكان جوابه( لا، لأنه من المحتمل أن تكون هذه الأفكار خاطئة) ونحن مثله، لا نستبعد أن تكون بعض افكارنا خاطئة، ويهمنا أن نجد من ينبهنا إليها، ومن يساعدننا على فعل مراجعتها وعلى فعل تصحيحها وتصويبها، وان هذا الذي قاله برترتند راسل، يمكن أن يقوله الاحتفالي ايضا، والذي هو مجرد انسان في عالم الناس، انسان يعيش افكاره، ويحيا من أجلها، ولكنه ابدا لا يمكن ان يموت من اجلها، لأنه لا يعرف ما سوف يأتي به الغد الآتي، وقد يتغير هذا العالم، وتتغير الأفكار فيه، ويموت هو موتا مجانيا وبلا معنى، ولأن المشروع الاحتفالي مازال قائما، ولأن الاشتغال فيه مازال حيا ومتواصلا، فإنه لا يصح أن نغلق ملفا مازال مفتوحا، ومازال البحث فيه يعد بالمزيد من الأفكار ومن الصور ومن الاقتراحات ومن المفاجآت ومن الاختيارات ومن الإيداعات
الثابت والتغير في الفقه الاحتفالي
وفي دراسة جادة بعنوان ( قراءة في تجربة المسرح الاحتفالي) تقول ذ الزهرة إبراهيم (وكما حدث في أوربا من تحول المسرح إلى الشأن السياسي تحت ما املته إملاءات القرن العشرين، ما فرض عليه هذا السياق الحديث من مراجعة شعرياته او نقضها بالكامل لحساب رؤى تنظيرية بديلة، فإن الأمر نفسه قد حدث في العالم العربي، وتحديدا في المغرب، لكن مع فاصل زمني مهم فرضته الهوة الحضارية بين هذا العالم وبين الغرب، وذلك لما ادرك رواد الاحتفالية المشبعين بمعرفة مسرحية منفتحة وشاملة، ضرورة تشييد نظرية مسرحية تتاسس على مقومات معرفية بمقولات جمالية تثمن أصالة الثقافة المغربية، بالأساس وتفتح حوارا متكافئا مع ثقافة الآخر، سواء في المحيط العربي او الدولي) وبهذا يكون الفعل الاحتفالي فعلاةجادا وجديدا في التاريخ الحديث والمعاصر، ويكون اوجوده في جغرافيا معينة، وفي تاريخ محدد الف معنى ومعنى، وهذا ما ينبغي أن يكشف عنه فقه المسرح المغربي والعربي، اليوم وغدا أيضا
والأساس في المشروع الاحتفالي هو انها فكر وفن، وانها علم وصناعة، والفعل والقول فيها وجهان اثنان لشيء واحد اوحد، ولقد اقتضى نظر البعض، في النقد المسرحي، ان يرتب الفعل في درجة أعلى وأرقى من القول، ولكن، اي فعل، واي قول؟ ففعل الحكماء كما نعرف لا علاقة له بفعل السفهاء، وقول العقلاء لا مجال لامقارنة بينه وبين قول الحمقى والمجانبن والأغبياء، ولهذا نتساءل
— الفعل والقول، هذا التوءم السيامي، هل يمكن الفصل بينهما بدون ان نخطئ في حق الحقيقة؟
— وهل يجوز لبعض المسرحيين العرب اليوم، وهم يركزون على التجريب في الحركة وفي الكتابة المشهدية، بالأجساد والأشياء، هل يمكن أن يستهينوا بالكلمة، والتي لها وجود في النصوص المسرحية، وقبلها لها وجود في حياتنا اليومية؟
–،وهل هناك مجتمع من المجتمعات يمكن أن يحيا ويعيش من غير أن يتكلم؟
— وهل يمكن أن يصبح المسرحي، الناطق والمتكلم اخرس، حتى يكون مجربا ومجددا بسكل حقيقي؟
— وماذا يمكن أن يكون تكلم المتكلم، في معناه الحقيقي؟ أليس هو فعلا ايضا، وأن هذا الفعل يسمى فعل التكلم؟
ونعرف ان الكلمات، في كونها وعالمها، هي اساسا درجات وعتبات ومقامات، بعضها اعلى من بعض، ولا يكفي أبدا ان تكون هذه الكلمة جميلة، اذا لم تكن ناطقة وصادقة وحكيمة وعاقلة، واذا لم نقلها بشكل جيد وصحيح، واذا لم نكتبها بشكل جميل وجيد، وان يكون ذلك في الحال المناسب وفي الموقف المناسب، وان يكون في التوقيت المناسب، وعليه، فإنه من حقنا ان نقول ما يلي:
— كل كلام لا يقول شيئا، فإنه لا معنى له، وكل كلام خارج السياق، فإنه مجرد ثرثرة
— وكل كلام لا جمال فيه ولا موسيقي في بنيته اللفظية، ولا رسالة في تعبيره، فهو مجرد لغو، أو مجرد أصوات فوضوية لا نظام فيها
وعن قناعة تامة، دافع الاحتفاليون عن الأهداف الإنسانية والمدنية والحيوية الكبرى للمسرح، وبهذا فإن المسرح لديهم ليس وقتا فارغا يمكن ان نملأه بأي شيء، وهو بالتأكيد صوت الإنسان، وهو صوت الانسانبة وهو صوت الحياة وهو صوت الجمال والكمال، وهو صوت الحق والحقيقة، والمسرح لا يقول إلا ما نريد أن نقوله، والذي لا نعرف كيف نقوله، وينوب عنا المسرح، بجمالياته وآلياته وتقنياته، من أجل أن نقوله، وأن نذيعه في الناس، وبهذا فقد كان الاحتفاليون صادقين مع أنفسهم، وكانوا صادقين مع فنهم وعلمهم عندما قالولنا بأن المسرح هو بيت من لا بيت له، وهو صوت من لا صوت له، وهو منبر من لا منبر له
زفي (بيانات كازابلانكا للاحتفاليةالمتجددة بيانات لما بعد الجائحة يقول الاحتفالي) ما يلي
( وكل فعل في الحياة وفي الواقع وفي التاريخ ما هو إلا كتابة، وليس ضروريا ان تكون هذه الكتابة بالحبر وبالأقلام، وقد تكون بالأجساد والأرواح الحية، وتكون بهذا أصدق من الأوراق المسودة، وتكون أبلغ وأكثر بيانا وتبيينا منها، ولهذا فقد كان الاحتفاليون – في حقيقتهم – مجرد بيانات) وهم فعلا بيانات، كتبهم الواقع، وكتبتهم الحياة، وكتبهم التاريخ، وهم اجساد وارواح تحمل أسماء، ولا تحمل ارقام ترتيبة من البيانات الاحتفالية المكتوبة، ولأن فعل الحياة وفعل الحيوية، هما الأساس في بناء قيمة الأشياء وقيمة الافكار، فقد أكد الاحتفاليون دائما على فعل التعييد الاحتفالي، وذلك باعتباره فعلا حيا، في ظرف زماني حي، وفي ظرف مكاني غير محدد، يمتد من الدار البيضاء إلى ما وراء الصين
وبخصوص معنى الكاتب ومعنى الاحتفال، يقول الاحتفالي( ان الكتابة تفكير بصوت مرتفع، وأن هذا الفعل المفتوح بحتاج – بكل تأكيد – إلى جرأة أدبية عالية، ويحتاج إلى شيء من الاجتهاد والحياد، ويحتاج إلى الثقة بالنفس، وأن يكون هذا الكاتب المفكر مؤمنا بالكتابة، ومؤمن بما يكتب، وبما يفكر فيه، وأن يكون سائلا ومسؤولا، وأن يعيش عصره بشكل حقيقي، وأن يكون شاهدا عليه، وأن يكون له حضور متجدد في مركز اللحظة التاريخية، في مركزها، وليس على هامشها، وأن يتجاوز، في تعامله مع الناس والأشياء والوقائع،درجة الانفعال الآلي، بما يرى ويسمع، إلى درجة الفعل في كل شيء)
وبعض الكلمات والعبارات، لها قيمتها في ذاتها، وبعضها الآخر لها قيمتها في من يقولها وفي من يكتبها، وقد تتكسب هذه الكلمات والعبارات قيمتها من الظرف الذي تقال فيه ومن الحالة الوجدانية التي تصاحبها، وقد تكون بعض الكلمات والعبارات جميلة شكلا، وأن تكون في المقابل بلا روح، وتكون بلا ظلال وبلا ملح وبلا صوت وبلا صدى وبلا أضواء وبلا ألوان وبلا طعم وبلا مذاق
العالم الاحتفالي هو عالم داخل عالم
ويقول الاحتفالي الذا انطق باسمه، وذلك في كثير من شطحاته الفكرية، بان هذا العالم الذي يقيم بداخلي، هو غير ذلك العالم الذي أقيم فيه، وبان ما يسعدني في عالمي المسرحي، هو أنني فيه سيد نفسي، وبأنني في أيامه ولياليه أكثر حرية وأكثر صدقا وأكثر شفافية وأكثر حياة وأكثر إنسانية وأكثر عطاء وأكثر قدرة على التخيل وعلى السفر
وعالمي الداخلي هذا، هو عالم المتناقضات الواضحة لحد الغموض، والغامضة لحد الوضوح التام، ولعل أهم ما يميز هذه المتناقضات هو أنها لا تفترق إلا من أجل أن تلتقي في نفس الطريق، وهي بهذا أفكار حية وحرة، والأصل في هذه الأفكار هو أن الذي أنتجها هز الواقع، ولكنها بطبعها متمردة على الواقع، ومتمردة على قشور الواقع، وعلى كل الوقائع التي لا يزكيها العقل والمطق، لأن ما يهمها ويعنيها هو أساسا روح الواقع، والذي قد لا تراه العيون، ولكن الأرواح الحية يمكن أن تمثله، وهي في حياتها وحيويتها، تعيش بين حدين اثنين متكاملين هما حد الاختلاف وحد الائتلاف، وفي مرايا هذا المسرح، والتي هي مرايا ماكرة وساخرة وساحرة وزئبقية، فإنني لا أفعل شيئا سوى أن أرى، وأن أحسن الرؤية، وأن أتأمل روحي ونفسي ووجداني، وأن أتأمل عقلي وهو في حال الفعل والانفعال والتفاعل، وفي هذه المرايا لا يهمني أن أتأمل وجهي، ولا وجوه الناس ايضا، إيمانا مني بأنه لا وجود لشيء يمكن أن نسميه وجوه، وكل ما نملكه في هذا الوجود هو مجرد أقنعة فقط، وهي بهذا قناع فوق قناع فوق قناع فوق قناع إلى ما لا نهاية
سؤال لا أدري له جوابا كافيا وشافيا
وفي طريق هذا المسرح، والذي اخترته او اختارني، يسألني سائل من الناس ويقول لي : أنت .. من أنت ؟
وأقول له:
أنا هو أنا، ألا تعرفني؟ انا كائن إنساني يحيا بين عالمين، عالم احتفالي متخيل وعالم مأتمي محسوس وملموس، وسعيد أنا غاية السعادة بوجودي في هذا الوجود، ولو لم أكن أنا هو أنا، لطالبت وناضلت وقاتلت من أجل أن أكون أنا، واعرف انني الواحد التعدد والمتجج والنمدد في الزمان والمكان، وانني في الاصل مجموعة كبيرة من الصور المعددة الأحجام والألوان، ومن حق كل واحد من الناس أن تكون لي في ( جيبه) صورة خاصة لي، وكثيرة هي الصور الرائجة بين الناس، والتي لا تشبهني ولا أشبهها، والتي لا أملك القدرة على مصادرتها من مخيلات الناس
وإنني أنا الكاتب الاحتفالي، اومن بأن الفن ملح الوجود، وبأنه ما كان لهذه الحياة أن تكون بهذا السحر وبهذا الجمال وبهذه القدرة على الإغراء والغواية لولا الشعراء، ولولا أهل الموسيقى وأهل الغناء ولولا وجود المسرح والمسرحيين، ولولا وجود المجانين المبدعين
ويعجبني وببهرني ويسحرني هذا العالم السحري الذي يسكنني، لأنه يحمل براءة الطفل، وبه لمسة الأنثى، وبه هذيان صادق، وبه فوضى منظمة، وبه افكار تطير بلا اجنحة، وبه فن وفكر وعلم
ولكن. وفي المقابل، فان هذا العالم الذي أسكنه لا يعحبني، لأنه عالم الزيف والنفاق وعالم الخداع والكذب، فأن تقتل فيه فراشة فأنت عدواني، وأن تقتل شعبا كاملا فأنت بطل، والقتل مسموح به في حلبة المصارعة والملاكمة، ولهذا فقد أطلقت في وجه هذا العالم الظالم صرخة بحجم الوجود وبسعة التاريخ، ولهذا فقد أعطيت نفسي الحق في أن أرفضه، من غير أن أهرب منه طبعا، لأن الهروب ليس كلمة احتفالية، ولا علاقة له بالأخلاق الاحتفالية، ولقد بحثت دائما، ومازلت ابحث، في عوالم هذا المسرح السحرية، عن مجرد يوم واحد من الأيام، يوم احتفالي لا يشبه سائر الأيام، والذي قد يكون معادلا للأبدية، أما هذا اليوم الواقعي والطبيعي، والذي يقع خارج المسرح، فهو مجرد يجن ومنفى، وأنا فيه غريب ومغترب، وأنا فيه مجرد مقيم عابر بدرجة لاجئ
وأنا الكاتب الاحتفالي، الأتي من الزمن الآتي، قدري المكتوب في اللوح المحفوظ هو أن أكتب وأكتب وأكتب، وألا اسأل لماذا اكتب، ولمن اكتب، وفي مقابل ماذا أكتب، ويكفيني ان اعرف بانني اكتب بوحي روحي وبوحي الأيام وبوحي التاريخ، وبانني أقول في كتاباتي كل الذي ينبغي أن يقال، اقوله ولا أبالي..
ولو كنت أبالي بثرثرة بعض الناس وبضجيج هذا العالم، ما كنت كتبت حرفا واحدا له معنى، وكل كلام يأتيني من خلفي لا ألتفت إليه، ولا تهمني، ولا تغريبي، ولا تدهشني إلا الأصوات الني تأتيني من اللامكان ومن اللازمان ومن اللا أحد ومن الغيب
وأنا الحكواتي ما قبل الأخير، كتب علي أن أحكي وأحكي، بعد أن رحل كل الحكواتيين، واعىف ان أن أسوأ شيء هو أن تجد نفسك تحكي خارج زمن الحكي، وأن تنتصر للحكي العالم والفاهم ومتى؟ في في زمن ضيع الكلمة الصادقة، وفي المقابل، فإنه لم يربح إلا الصور والصور التي تتناسل بشكل سرطاني، والصور الخادعة والكاذبة والهاربة بكل تاكيد
وأنا الفارس الأخير، اقنعت نفسي بان قدري أن أكون في معركة الوجو فارسا بلا فرس، وأن أكون محاربا خارج زمن الفرسان وزمن الفروسية، تماما مثل ذلك الفارس الذي حارب طواحين الهواءن والذي عرفه العالم باسم دون كيشوت
وأنا الغني بأحلامي وبأوهامي وبفيض إحساسي وبفيض خيالي وبفيض مشاعري، ومن حقي أن أقول لكل الناس، أنا الغني لحد الفقر المءقع، وانا الفقير لحد الغنى المطلق، لدي اليوم في بنك الحكمة والمعرفة كلمات وعبارات وإشارات وعلامات، والتي هي كل ثورتي، وانني اسالكم هل تسمحون أن اقتسمها معكم؟
عبد الكريم برشيد