في فيلمه الجديد “أنا القبطان” يقرر المخرج الإيطالي المتميز صاحب الفتحفتين “غومورا” و”دوغمان” أن يغير اتجاهه في سياق آخر لايجد له في إيطاليا سوى الوجهة الأخيرة التي سيصل إليها.
“أنا القطان” فيلم عن الهجرة السرية نحو أوروبا كما لم نشاهدها من قبل في أفلام تكررت فيها التيمة ولم يتكر الإبداع في أغلب الأحيان.
نتابع في هذا الفيلم شخصية سيدو الشاب ذو الستة عشرة سنة وهو يخوض مغامرة الهجرة السرية انطلاقا من السينغال ومرورا بليبيا حيث سيذوق الأمرين قبل الوصول إلى إيطاليا صحبة صديقه عيسى الذي سيضيع منه قبل أن يجده.
حتى لو كانت التيمة متكررة يجد لها المخرجون المبدعون تخريجات تبهرنا، وهذا ما فعله غاروني في فيلمه هذا بحيث كسر قساوة مسار شخصية الرئيسية وهي في ذروتها بمشاهد شاعرية عبارة عن أحلام لهذه الشخصية نحلق فيها في فنطازيات تعبر عن دواخل الشخصية وتستجلي استيهاماتها. فيما كانت نقطة الضعف الكبيرة في الفيلم هي تلك التي حاول فيها لمتميز غاروني أن يجعل من “سيدو”شخصية قيادية كونها كانت تستمد قوتها الدرامية من ضعفها وليس من قوتها التي كان المخرج وكأنه وو يريد كسب جمهور واسع يلوي عنقها ليذهب بها لمسارات لا تستحملها.
الأداء التمثيلي للممثل الذي أدى دور “سيدو” كان جيدا خصوصا في تعابير وجهه طيلة لحظات الفيلم.
مشاهد الصحراء كانت جميلة وموحية ومعبرة عن تيهان الشخصيات في ذلك الفضاء الجميل والقاسي معا. وقد صورها غاروني بشكل جمالي مفكر فيه.
قد أفضل فيلم “دوغمان” ولايمكن لي أن أجادل في تميز “غومورا” الفيلم الذي أعلن عن موهبة غاروني، لكني لا أستطيع أن أقلل من قيمة أنا القبطان كون الموهبة الإخراجية ورؤيتها المتميزة تستطيع أن تُعلي حتى من قيمة المواضيع المكررة والمطروحة باستمرار وتعطيها صبغة أخرى تدهشنا وتجعلنا نعيد النظر فيما كنا نعتبره من المسلمات.
عبد الكريم واكريم-مراكش