صدر عن منشورات دار الشعر بمراكش، في طبعة أولى الشهر الماضي، العدد الرابع من الديوان الجماعي “إشراقات شعرية” في 144 صفحة من القطع المتوسط تزينه لوحة الفنان والحروفي لحسن الفرساوي. ويضم قصائد الشعراء المتوجين بجائزة “أحسن قصيدة”، في دورتها الرابعة (2022)، الى جانب النصوص التي اختارتها لجنة التحكيم الجائزة للنشر ضمن الديوان الجماعي. كما يضم الديوان ملحقا ثانيا، باب الدراسات والمقالات، نشرت فيه الدراسة المتوجة بالجائزة الثالثة لمسابقة “النقد الشعري” للنقاد والباحثين الشباب والموسومة ب “التشكيل النصي وبناء الخطاب في ديوان “حدثنا مسلوخُ الفقروَرْديّ” لأحمد بلبداوي، للناقد سعيد موزون.
مجددا، تكشف مسابقة “أحسن قصيدة” لدار الشعر بمراكش، عن الكثير من الأصوات الشعرية المغربية الجديدة، ومرة أخرى يبدو أفق القصيدة المغربية الحديثة منفتحا على التعدد والغنى. شباب إشراقات شعرية ينتمون الى المغرب، الى محيطه وأطلسه وصحرائه، وليس المجال هنا استعارة لحقول جغرافية، بل غنى التعدد الثقافي المغربي حين يتلبس شعرا، ويزهر إبداعا، ويقدم فسيفساء متعددة لبنى القصيدة وأسئلتها ونسقها ورؤاها.
وحين قررت لجنة التحكيم جائزة أحسن قصيدة، والتي تكونت من الشاعر نجيب خداري، رئيسا، وعضوية الناقد الدكتور عادل عبداللطيف والشاعرة والروائية فاتحة مرشيد، أن تتوج الفائزين، ضمن دورتها الرابعة السنة الماضية (2022)، اختارت أن تحتفي بهذا التعدد لأنماط الكتابة الشعرية. تيمة الأرض، هي الموضوع الجامع، لكن اختيارات ورؤى القصائد الشعرية تكشف عن هذه البنية المتعددة والتي تسهم في إغناء أفق النص الشعري، بل وتسهم في اخضرار هذه الشجرة التي تزهر، فصيحا وزجلا وأمازيغية وحسانية. ومرة أخرى يكشف المغرب العميق، من خلال بواديه وحواضره وجباله وصحرائه، بل ومناطقه البعيدة النائية، عن أصوات شعرية شبابية لافتة، بزخم ما تكتبه فاتحة كوة أمل لا تنتهي، في قدرة هذه الأصوات الشعرية على صياغة أفق الشعر المغربي، وأيضا قراءة دلالة الحضور القوي للشعر كاختيار إبداعي للكتابة، في زمن التباسات القراءة والحديث عن أجناس تعبيرية أخرى.
الشعراء: (حمزة الخازوم، فريد عبدالرحيم، يوسف كوزاغار، عبدالله آيت بوذيب، عمر راجي أمنار، عيني أمنيصير). الى جانب قصائد: (محمد بوكريم، بوباكار وسلام، أيوب أيت المقدم، عبدالحق بالمادن، محمد علي الكناوي، بدر هبول، عبداللطيف بوكريم، محمد نفاع، عكاشة عبقار، مصطفى أباها، محمد القروي، عبدالمالك مساعيد، ليلى الخمليشي، عبدالخالق المنار، سعيد سموح، محسن قرطاس، حسان بن العطار، خديجة فنسوني، يوسف الحيمودي، بسمة أمزيد، مريم الشرقي، محمد أخنيف).. شعراء قادمون الى المستقبل، ومنه، سيان ما تكشفه شجرة الشعر المغربية، ما دامت قادرة على أن تظل ولادة ومعطاء، فاتحة للأفق الإبداعي المغربي الكثير من غنى النصوص، وفي ترسيخ ثقتنا في الشعر وقيمه، في قدرته على ترسيخ هذا المشترك الإنساني الذي يجمعنا.
وحين اختارت دار الشعر بمراكش، موضوع الأرض، كتيمة محورية للقصائد، كان الغرض استعادة هذا المشترك اليوم والتحسيس به عند الأجيال الجديدة. ومنذ تأسيسها سنة 2017، ضمن بروتوكول التعاون بين وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة بالشارقة، انتصرت دار الشعر بمراكش ضمن استراتيجيتها وبرمجتها الثقافية للقصيدة المغربية وأسئلتها، بل وبمزيد من الإصرار انفتحت على غنى أجيال وحساسيات وتجارب هذه الشجرة الشعرية الوارفة. ولقد كانت الأصوات المعاصرة والجديدة في ديدن هذه البرمجة، تخط وتشكل أفقها الشعري والجمالي والتخييلي، من خلال انجراحاته وفرحه. التقى الرواد وأجيال القصيدة المغربية في الدار، أرض الشعر والشعراء، حيث كان الأفق الانتصار للتعدد والتنوع الثقافي المغربي.
طنجة الأدبية