في إطار الأنشطة التوعوية التي تقوم بها جمعية “أمسات” (الجمعية المغربية لدعم ومساندة الأشخاص ذوي الثلث الصبغي)، وبشراكة مع جمعية أنديفيلم وتعاون مع الشركة المنتجة طنجرين، تم مساء الأربعاء 26 أبريل 2023 بقاعة سينما النهضة بالرباط تنظيم العرض الأول بالمغرب للفيلم الوثائقي “مثل كبار الطهاة” بحضور مخرجته ماري- بيير جوري، التي تابعت مسار كل من كنزة وزكريا وغلوريا (شخصيات الفيلم الرئيسية) وهم شباب في وضعية إعاقة أثناء مشاركتهم في مسابقة “اسييت غورم هاند” الدولية للطهي من أجل إدماجهم في الحياة المهنية. وقد أظهر هذا الفيلم أن الأشخاص في وضعية إعاقة قادرون على الاضطلاع بمهام متعددة والتفوق فيها (الطهي مثلا) شأنهم في ذلك شأن الأشخاص العاديين، يكفي فقط أن تعطاهم الفرص لممارسة ما يحبون ممارسته من أعمال وأن ينظر إليهم كأشخاص مختلفين لا غير. فهم قادرون كغيرهم من البشر على المساهمة في التنمية الشاملة لمجتمعاتهم كل من موقعه ومجال تخصصه ومستوى قدراته.
إن طريقة الإخراج التي اعتمدت المقاربة الحميمية والكاميرا السرية في هذا الوثائقي أبانت عن تحديات وانتصارات المشاركين الذين وظفوا جميع طاقاتهم وقدراتهم لكي يحققوا هدفهم و يصبحوا من كبار الطهاة .
وقد تضمن برنامج هذا الحفل الفني التوعوي كلمات افتتاحية بالمناسبة لممثلي الجهات المنظمة (نهاد غانم، مديرة “أمسات”، وحسن بنخلافة، نائب رئيسة “أنديفيلم”) وتقديما للفيلم قبل عرضه من طرف مخرجته الفرنسية بحضور المغربي زكريا غيلان، أحد أبطاله، ومناقشة مع المخرجة أشرف على تسييرها الدكتور حسن بنخلافة، مدير مهرجان أنديفيلم (السينما والإعاقة) بالرباط وعضو المجلس الإداري لجمعية “أمسات”، أجابت من خلالها عن أسئلة الحاضرين حول الفيلم والغاية من إنجازه وصعوبات تصويره والتعامل مع أبطاله وغير ذلك من الأمور المرتبطة به.
ولم يفت الحاضرين، شخصيات فنية وجمعوية وثقافية وغيرها، من الخروج بمجموعة من التوصيات في نهاية هذا الحفل من بينها: الدعوة إلى تنظيم مسابقة للطهي بالمغرب بمساعدة جمعية “غورم هاند” مع دعوة أشخاص في وضعية إعاقة للمشاركة فيها، لأن هذا النوع من المسابقات يمكن من منح الأشخاص في وضعية إعاقة الإعتراف بقدراتهم ومواهبهم الخلاقة، الشيء الذي يشكل أداة فعالة لمحاربة التمثلات السلبية السائدة تجاههم وتحسيس الجمهور بحقهم في ولوج مختلف المهن…
يذكر أن جمعية “أمسات” (AMSAT) قد عملت منذ سنوات ولا تزال على النهوض بإلادماج الاجتماعي والمهني للأشخاص في وضعية إعاقة، كما ركزت على استمرارية إدماجهم في محيطهم وبيئتهم عبر توفير جميع الخدمات الشبه الطبية والمواكبة الخاصة مع اتخاذ جميع التدابير لدمجهم في الحياة الدراسية العادية بالإضافة إلى الاشتغال ودعم الأسر من أجل رسم معالم مشروع حياة مزدهر واقعي ومستقل.
كما أخذت ولا تزال بعين الاعتبار مناصرة هؤلاء الأشخاص للحصول على حقوقهم الأساسية كالحق في التربية والتكوين والشغل والترفيه، حيث لا يتوانى المستفيدون من إظهار قدراتهم وإمكانياتهم في جميع المجالات، نذكر على سبيل المثال الشاب زكريا غيلان (25 سنة)، الحامل للثلث الصبغي 21، الذي لعب دورا رئيسيا في فيلم “مثل كبار الطهاة”.
تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من العروض السينمائية في حاجة إلى تشجيع للمساهمة في تغيير النظرة الدونية لبعض شرائح المجتمع إلى الأشخاص في وضعية إعاقة، فلابد من النظر إلى جميع البشر نظرة واحدة لا تمييز فيها بين من هم في وضعية إعاقة أم لا، فكلنا نعاني من إعاقة ما، وكلنا معرضون للإصابة بإعاقة ما في يوم ما.
أحمد سيجلماسي