الرئيسيةأخبار“رباط” الشعر والعائلة في دار الشعر والشعراء بمراكش

“رباط” الشعر والعائلة في دار الشعر والشعراء بمراكش

العائلة تلتئم في فضاء الشعر: ثنائيات وسفر في حفريات الملحون

اجتمعت العائلة في “رباط” الشعر والشعراء مراكش، ليلة السابع من أبريل الماضي، وأضاءت قصائد الحب “قداس” المكان وتفاعل الجمهور، الشغوف بالكلمة وبهاء الحرف، مع “معارضات” ودية شعرية حملت الكثير من الحميمية والدفء لفضاء اللقاء. الثنائيات حليمة الاسماعيلي ومولاي رشيد العلوي، الى جانب حنان مضاري والحسين لغوالي، أصرا معا أن يفتحا “دفترهما الحياتي والشعري” أمام الجمهور.. عادا معا الى لحظات الحب والعتاب في فقرة “رباط” والتي أصرت دار الشعر بمراكش مواصلة إغناء برامجها على مستوى التدبير والتسيير، بمنظور حديث ينفتح على العديد من البرامج في نفس الآن، مما يجعل الشعر جنسا تعبيريا تتواشج فيه فقرات أخرى في انفتاح بليغ على أنماط القول الإبداعي (موسيقى ومسرح وتشكيل وسينما وفن الحكي والحلقة والنحت والكاليغرافيا..).

قرأ الشاعران حليمة الاسماعيلي ومولاي رشيد العلوي قصائد فردية ومشتركة، بعض من سيرة حياة وحيوات، فيما يشبه حوارية مفتوحة أمام جمهور دار الشعر بمراكش. ليظل الشعر الرابط المشترك والإقامة الفعلية، فيما يشكل رباط الحب الجسر الثاني ليلتئم المشترك، ولعل هاته الوشائج هي ما تؤسسه قيم الشعر وأفقها الفعلي نحو البعد والمشترك الإنساني. افتتحت الشاعرة حليمة الاسماعيلي عتبة اللقاء قولا: “فَطـِـــــبْ إنــــي شَــــرابٌ مِنْ عبيــــــــــــــــرٍ / وأكـْــوابــــِــي تَفيــــــضُ بخيــْـــــرِ نَخــْـــــــبِ// فــــإن تَشـْــــرَبْ شَـرِبـْــتَ حَــــلالَ خمْــــــــرٍ /وإن تَسْكــَـــرْ سَكـِـــــــرْتَ بِغيـْــــــرِ ذَنـْــــــــبِ// إذا حـَـــلَّ الدُّجــَــــــى صِرْنـــــا ثـُـريــّـــــــــا/ تُضــــــــــيءُ بذكريـــــــــــاتٍ كـــُــــــــلَّ دَربِ// فيَخجـــــــلُ في السما قمرٌ وَيشقـــــــــى / ويسكــــــــــــبُ نورُهُ نورا بقُـــربـــِــــي// ومــَـــا نَخْشـَــــــى الدُّهـــــــورَ فنحـــن دَهـْــرٌ/ خـَــــلاَ مــــــــنْ كُل مُعضِلــَـــــة ٍ وخَطــْــــــبِ”. رد الشاعر مولاي رشيد العلوي: “دَعيني لأحلُمَ يا حلوتي** بأجملِ أيامِنا الآتيَهْ..// سنهزمُ خيباتِنا بالعِنادِ** ونجتازُ أسوارَها العاليَهْ.. // ونُبْدِعُ في ليلِنا أَنْجُماً** تَفيضُ على الطُرِقِ الداجيَهْ.. // سموتِ وحُبِّكِ يا حلوَتي** ويا زوجتي العذبَةَ الغاليَهْ.. // كبِرْتُ وإِنِّيَ ما زِلتُ طفلاً** صغيراً يَحِنُّ إلى حانيَهْ.. // يَمُرُّ قِطارُ الزمانِ السريعُ** وأبقى على حالتي الحاليَهْ.

أما الثنائي الثاني، الشاعران حنان مضاري والحسين لغوالي، فسلكا أسلوبا مختلفا من خلال نسج حوارية ممتدة تنتهي في كل لحظة بقصيدة، تؤرخ لمسار حياة حيث الحب واللوم والغضب والعتاب ثم العودة لسكن العائلة. بدأت الشاعرة حنان مضاري الحكي شعريا بالقول: على شاطئ البحر هناك/ كتبت: “أحبك”/ لم تصلك / كتبتها على ضوء القمر / لم تصلك/ رسمتها في دفتر الوجد / بدمي نشرت الخبر/ في الوادي/ وفي المنحدر/ فالذنب ذنب المطر/ وذنب المطر/ أن لم ينزل ليعانق الزهر/ فتعال وقت السحر/ لتقرأ الخبر: “إني أحبك”. فرد الشاعر الحسين لغوالي ب”فُؤَادٌ مُرْهَق”: هَـــزَّتْ بِــمَـرْآهَـا فُــؤَادًا مُـرْهَــقَـا/ وَرَمَـتْ بُـذُورَ الـوَجْدِ فِيهِ فَـأَوْرَقَا// فَمَضَى يُؤَمِّـلُ فِي الوِصَالِ هَنَاءَهُ/ مِمَّــنْ رَمَـتْـهُ بِحَـبْـلِـهَا فَـتَـسَـلَّـقَـا// رَصَدَتْ لَـهُ سَـهْـمًا يُـفَـتِّـتُ قَـلْـبَـهُ/ وَيَصِيـرُ مِنْ وَهَـجِ المَـوَدَّةِ مُحْرَقَا// لَنْ يَسْـتَطِيبَ سِـوَى هَوَاهَا قَلْـبُـهُ/ وَيَظَلُّ إِنْ رَحَلَـتْ وَحِيدًا مُـغْـلَـقَـا.

تخللت الجلسة الشعرية المفتوحة، حوارا مع الشاعر والباحث محمد بوعابد، ضمن فقرة الديوان “توقيعات”، والذي قدم كتابه وإصداره النقدي الحديث “حفريات في الشعر الملحون: دراسات في الشعر المغربي العربي الزاجل” (2023)، والصادر حديثا في جزء أول، الشاعر والمترجم محمد بوعابد فاعل جمعوي ارتبط بالعمل الثقافي وبالشعر الملحون، أصدر عددا من المؤلفات منها ماء ريم (ديوان شعر)، اللؤلؤة (رواية)، حكايات افريقية، “من غواية المتفرد غويتسولو” (دراسة مترجمة). وتوقف الباحث بوعابد، في حديثه عن إصداره القيم، عند دلالات المصطلح (حفريات، الشعر الملحون) كما أعاد جرذ كرونولوجي بأهم الإصدارات التي استقصت هذا الفن. ويحاول الباحث في كتابه الشعر الملحون الإحاطة بهذا الفن، من حيث أصوله وأهم حواضره وتشريح لعناصر ومكونات مؤسسته الأدبية، فضلا عن خلفياته النصية وعلاقته بالزجل وبالشعر العربي القديم وبالموشحات. وقد صاحب ثلاثي الملحون، الباحث محمد بوعابد، في تقديم مقاطع مختارة تطبيقية من تراث هذا الفن المغربي الأصيل. الفنانون: أحمد بدناوي، أحد أبرز وجوه النظم والأداء، ومحمد العمداوي وعصام عوضار.

الحضور اللافت للجمهور لمتابعة ليالي الشعر الرمضانية، وإطلاق مبادرة جديدة ضمن برمجة دار الشعر بمراكش الشعرية والثقافية موسومة ب”رباط”، في فضاء الشعر والشعراء بمراكش، فضاء للتلاقي وللحوار، في مواصلة حثيثة من دار الشعر بمراكش أن تجعل من برمجتها، التي انطلقت بفقرة “شعراء وحكواتيون” وشهدت نجاحا استثنائيا، منفتحة على أنماط القول التعبيري دون حدود مع جمهور الدار، كما أشار بلاغ الدار سابقا، وليكتمل التجانس وجماليات التلقي في حدودها وأيضا ترسيخ مفهوم “الدار”، دار الشعر والشعراء المغاربة، في أن تكون المؤسسة فضاء مفتوحا للشعر والأدب والحوار وترسيخ قيم المشترك الإنساني.

 

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *