(بيت الاحتفال) هو فضاء للاحتفال المسرحي، بيت بسيط تسكنه الأفكار الحية، وتلتقي فيه الأجساد الإنسانية القادمة من الجهات الاربع، هو فضاء كان مفتوحا في وجه الجميع، ولقد أسسه المخرج المسرحي الاحتفالي عبد الغني بن طارة قبل ذلك (الربيع) الذي كان في تونس، والذي انتهى اليوم إلى الباب المغلق، وتبين من بعد انه كان خريفا، ولكن في ازياء الربيع وفي اقنعة الربيع الكرنفالية الملونة
هذا البيت، تاسس في مدينة تونس العتيقة، داخل ضريح، ولقد كان القصد من وجوده ان يكون مسرحا بدون مصطبة عالية، وبدون ستارات وبدون كواليس وبدون حفرة الملقن، وأن يكون فقط بيتا يشبه كل بيوت الناس، وأن يكون بيتا للعقول والارواح قبل كل شىء، وأن يكون بيتا للحكمة و للخيال والاحتفال، وايضا للتعييد وللتعبير الحر، وأن يكون ملتقى الأجساد والأرواح الحرة، وان يعطي الكلمة للناس، وأن يطرح قضايا الناس، وان يجعل المسرح جزء اساسيا من الفضاء العمراني العام في المدينة، وأن يشبه المسجد والحمام، وأن لا يشبه الإدارة العمومية في شيء
إن هذا البيت المسرحي، والذي شكل إحداثه، في يوم من الايام، ثورة فكرية وجمالية هادئة في المدينة، ثورة فكرية وجمالية أعادت ربط الإنسان في تونس بذاكرته وبثقافته وبتراثه وبمناخه، هذا البيت الثقافي قد تعرض للإغلاق بعد الربيع، وكان ذلك على أيدي اعداء الحياة وأعداء الاحتفال واعداء التلاقي الإنساني واعداء العقل والعقلانية وأعداء الحرية والتحرر
رحم الله الفنان الجميل والإنسان النبيل عبد الغني بن طارة، عاشق الحياة وعاشق الجمال وصديق كل الناس، وإن من يفكر في الناس وفي إسعاد الناس وفي إدخال البهجة إلى قلوبهم لا يمكن ان ينساه الناس.
د.عبد الكريم برشيد