احتضنت القاعة الكبرى للمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل فعاليات الدورة الثانية من ملتقى زرقاء اليمامة، بحضور مئات الطلبة الذين تابعوا اللحظات الممتعة لهذه التظاهرة الشعرية والفنية. اللقاء الذي أقيم بشراكة مع المدرسة العليا للأساتذة واتحاد العمل النسائي، فرع مرتيل/ تطوان، أكدت فيه دار الشعر بتطوان على أهمية ترسيخ هذه الشراكة من خلال ملتقى ثقافي صار موعدا سنويا للاحتفاء بالشاعرات والمبدعات من مختلف المجالات، ولحظة من أجل الإنصات إلى الأصوات الشعرية القادمة من المستقبل. كما أكدت الدار أن المحتفى بها في هذه الدورة “نجمة تواضعت فمشت على الأرض هي الشاعرة لطيفة المسكيني، التي اشتغلت في الرقي بنصوصها الشعرية استنادا إلى معرفة شعرية موسعة، وعلم بأسرار الشعر بما هو صناعة طريقة خاصة نحو معرفة الإنسان والنظر في الأكوان…”.
واستهلت الكاتبة العامة للجمعية حليمة العربي وهذا اللقاء، وهي تشدد على أهمية هذا الملتقى الذي يحتفي بقيمة “زرقاء اليمامة، تلك المرأة الحالمة التي تتنبأ بالحدث قبل وقوعه والذي يمكن أن نعتبره رؤيا أو نظرة مستشرفه للمستقبل. ولهذا كان لابد من إعطاء هذا الملتقى أهميته، والذي نتوجه بتكريم الشاعرة لطيفة المسكيني”. وأكدت العربي أن “ديوان زرقاء اليمامة” بات يمثل “صرخة لشاعرات شابات قادمات من المستقبل، المستقبل الثائر على كل التمثلات والصور النمطية التي التصقت بالنساء منذ عصور. ولذلك، فهو مستقبل الإبداع و الثورة الفكرية، إذ حان الوقت لتغيير العقليات و التطلع إلى الأفق سويا لا فرادى، فمعا سنصنع المعجزات ومعا ستشفى أرواحنا من كل الأسقام، ومعا سنتسلق قمم المجد”.
أما رئيس شعبة الدكتور يوسف الفهري فقدم الشاعرة المكرمة لطيفة المسكيني بوصفها “شاعرة متميزة، لأنها، بالفعل، تميزت بميزة خاصة في شعرها، وقدمت مشروعا إبداعيا رائدا، يضفي الحياة على القصيدة العربية، وينقذها من الابتذال”. ويؤكد الفهري في ورقته أن المسكيني، وبحكم تخصصها الأكاديمي، هي شاعرة “مأخوذة بقراءة التراث الشعري العربي وبمفاهيم نقدية ونظرية، تنظر إلى الوراء من مرآة أمامية تطل على الثقافة الغربية، تقرأ الشعر ليعْبُر عبر منصة الترجمة ومعراج الشعر إلى القصيدة العربية”.
بعد ذلك، أقيمت أمسية شعرية لفائدة شاعرات ومبدعات شابات، من المغرب والصين، شاركت فيها من المغرب الشاعرة أنيسة عيدون، التي حصلت على تنويه اللجنة في الدورة الأخيرة من مسابقة الديوان الأول للشعراء الشباب، التي تنظمها دار الشعر بتطوان. وشاركت إلى جانبها الشاعرة سامية دالي يوسف والشاعرة ابتهال المعرف من مدينة طنجة، التي لا يتجاوز عمرها 13 عاما، بينما لفتت إليها الأنظار في هذا الملتقى، وهي تردد في قصيدتها: سألوني عن وطني قلت/ إني من طينه نبتُّ. كحبيب مسكنه قلبي/ أو قلب فيه استوطنتُ. وطني أرقى أسمى من كل كلام ينتاب الروح فيعجزها كي يبقى الصمت. هو المعنى وطني معنى لا وصف يعنيه ولا نعتُ…”.
وقرأت المشاركات الصينيات قصائد من روائع الشعر الصيني المعاصر، ويتعلق الأمر بكل من واي وينر وكي يوفان ويان زيي، التي ختمت القراءات الشعرية، ولسان حالها ينشد: الشمس البيضاء إلى الجبل تغرب/ النهر الأصفر في البحر يسكب. إذا أدرت النظر إلى الأفق الأبعد/ فإنك نحو الأعلى، سوف تصعد وتصعد وتصعدْ.
وفي حفل الاختتام، أدت المطربة المغربية سامية أحمد روائع الشعر العربي والأندلسي المغربي، من موشح “غريب الدار” إلى “أعطني الناي”، ومن “اذكريني” إلى “يا قلب خللي الحال”، وصولا إلى موشح “ريم رمتني”، ومن مطلعه: ريم رمتني شغفت بها/ طلت من الباب عسى نراها/ تنشد وتقول في أول شعرها/ أهل الأندلس يفهم الإشارة/ لا يعرف العشق إلا الشعرا…
طنجة الأدبية