عن منشورات “محترف الكتابة” بفاس ، صدر حديثا مؤلف جماعي بعيون أقلام عربية ومغربية ينتظم في 140 من الصفحات،عن مكتبة مطبعة طارق بفاس، من القطع المتوسط، تحت عنوان “طلع الحرف من هواكم نورا .”
يتناول المؤلف الذي تزين غلافه لوحة للفنان محمد فيلالي شكير، ومن تصفيف وتصميم محمد تمري، دراسات شارك في بناء مادتها العلمية نقاد وأكاديميون سلطوا الضوء على منجز الشاعر المغربي عبدالحق بن رحمون من خلال ديوانه “صاحبة السعادة”، الذي يعبر في عمومه عن مشروعه الصوفي. وتنويها بهذه الدراسة القيمة وبإصدارها علقت الشاعرة المغربية الكبيرة أمينة المريني قائلة ” مبارك. تجربة صوفية جديدة غير مسبوقة أشرف على جمعها باحثان شابان الدكتورة هناء بنيس والدكتور محمد النفاد…العمل إضافة نوعية إلى خزانة محترف الكتابة.”
وشارك في المؤلف أدباء وشعراء ونقاد من المغرب وسوريا و لندن وتونس وهولندا وهم أمينة المريني، نجيب العوفي ، الزبير خياط، صدوق نورالدين، مراد القادري، عبدالعزيز كوكاس، مريم الوكيلي، عبدالغني فوزي، ليندا ابراهيم، إيمان سعدون، عبداللطيف بن يحيى، الزهرة حمودان، محمد داني، لبنى ياسين، بسمة مرواني..
ومما جاء في مقدمته بقلم الناقدين د. محمد نفاد و د. هناء بنيس:
يدرس هذا الكتاب تجربة الشاعر المغربي “عبد الحق بن رحمون”، من خلال ديوانه الثالث “صاحبة السعادة” الصادر عن مؤسسة مقاربات. الديوان في ثلاث عشرة قصيدة موزعة على ثمان وخمسين صفحة. خط الشاعر بياضها صيف عام 2019م.
اعْتَلَت عرشَ الديوان “صاحبة السعادة”، وهي إحالة على الأمومة، ورمزية الأم ومكانتها في وجدان الشاعر، دل عليها مجموعة من العتبات والمشيرات، نذكر منها الإهداء الذي جعله الشاعر إلى روح أمه صَوافا:
“إهداء إلى روح صاحبة السعادة
الحاجة المغفور لها بإذن الله أمي
السعدية الخطوط”
وكذلك عتبات العنوان؛ عنوان الديوان (صاحبة السعادة)، أو عناوين بعض القصائد (غيمتك فوق رأسي – في مديح الأم – أزهرت – الصفصافة – يا وليدي…)، وكلمة ظهر الكتاب رسالةُ وصال بما يسعد ويفرح:
سأقول لك شيئا يسعدك:
أخواتي يعتنين بشجيراتك
وببستانك الذي أودعته أمانة في الأرض
وديع.. أخي غرس لك فسائل الحب
وأشجار الزهر والزيتون
وأنا كعادتي أكتب قصائد إليك
وأبحث عن الزهر لأقطفه
وأضعه على شاهدتك
والشاعر عبد الحق بن رحمون في الديوان إذ يخلص شعره للأم فإنه لا يسرد الأدوار التقليدية من جهة عماد الأسرة، والمربية، ولامَّة الشعت، وجمَّاعة الفرقة… وإنما انغمس في نفسية الذات بثنائيتها:
الأم/الشاعر
كما صدح الإبداع بلؤلؤ المتخيل أو الحلم الواعي المتوارد بين الظاهر/الباطن. أو الحاضر والغائب، أو عالمي الغيب والشهادة… وبين الجلاء والتخفي تجاذبٌ لكشف المحجوب بين الذات الشاعرة وأحبة غيبهم الموت حسا وليس تجريدا.
إن هذه الرؤيا الوجودية المفعمة بأرق الفقد لم تجد سبيلا لإحضار الغائب إلا النهل من الإبداع الصوفي وفلسفته، فألفينا عبد الحق بن رحمون شاعر “الحرف” بسميائياته الإشارية، ومرجعياته الفلسفية عند الصوفية:
وفي محبتك أسمي مقامي
وفي معرفة أسرار حرف
السين انتشاء وصلاة لله الأحد
….
في المقام الأرفع
واسمك سين
والسين سر الوجود الأبدي
كما وجدنا فيه شاعر “حب” أينما اتجهت ركائب العشق، سيما في توظيف المصطلح الصوفي العاشق، هذا إذا علمنا أن المصطلح هو مفتاح التجربة الصوفية، وعليه يتأسس المعنى الخفي ضمن خطاطة تواصلية متفردة التداول.
والشاعر في الديوان تجاوز الأعراف في الكتابة الشعرية، وأبدع في رسم بناء فني جديد في اللغة الشعرية، والمعجم، وصياغة الصور، والتراكيب، والإيقاع… كما اتخذ الكتابة وسيلة لتأمل الذات والمحيط بعمق وتوسع في الآل والمآل. فتجاوز إبداع “صاحبة السعادة” الجاهز وسما إلى عالم نصي يعبر عن دهشة الأنا قبل دهشة المتلقي.
لذلك اتجه هذا الكتاب الجماعي –الذي شارك فيه مجموعة من النقاد من داخل المغرب وخارجه- إلى تبني أدوات إجرائية لتفكيك المقامات الجمالية في تجربة الشاعر وإظهار الخصوصية الفنية.
على صعيد آخر، يذكر أن عبدالحق بن رحمون شاعر وكاتب وإعلامي تتنوع انشغالاته وحضوره البارز في الساحة الثقافية إذ سبق له أن أصدر دواوين شعرية هي: “مكائد الأنفاس” سنة 2001 ، عن منشورات اتحاد كتاب المغرب – الرباط ، و”صاحبة السّعادة” سنة 2020 عن منشورات مؤسسة “مقاربات” للنشر فاس – المغرب، و”النّسْرُ الْقروسطِيّ يليه وَترُ زِرياب الأخير” سنة 2021 عن منشورات دار النشر Editions Plus الدار البيضاء المغرب، كما حصل ديوانه “برزخ الأصفياء” على تنويه جائزة محمد السرغيني سنة 2021. و” وجهي في النّهر يدي في البياض” سنة 2022 عن منشورات بيت الشعر في المغرب بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة .
وساهم في إعداد كتابين هما: “التغيير” مجلد كبير عن منشورات صحيفة (الزمان) الدولية – طبعة لندن سنة 2013 ، وكتاب ” أصوات شعرية كردية ، ثلاثون شاعرا في تجارب معاصرة” .
طنجة الأدبية