عن عمر ناهز 67 سنة توفي مساء يوم السبت 4 فبراير 2023 بالمستشفى العسكري بالرباط المطرب المغربي محمد الغاوي نتيجة إصابته بنزيف في المخ لم ينفع معه علاج… وقد ووري جثمانه الثرى بعد صلاة عصر يوم الأحد 5 فبراير بمقبرة سيدي بلعباس بسلا. فيما يلي ورقة مركزة تعرف بأهم المحطات في حياته الفنية:
الراحل محمد الغاوي، المشهور بأغنيته “الغربة والعشق الكادي”، من مواليد مدينة سلا سنة 1956. كان له منذ طفولته ميل إلى الغناء والموسيقى، الشيء الذي دفعه إلى الالتحاق بفرقة “الجيل الصاعد” ثم بالبرنامج التلفزيوني الذائع الصيت “مواهب”، الذي كان يشرف عليه الفنان الرائد الأستاذ عبد النبي الجيراري، رحمه الله، حيث قضى إلى جانب هذا الأخير مدة لا تقل عن عشر سنوات مكنته من الإحتكاك بجيل من الفنانين الصاعدين، الذين سيغنون فيما بعد الريبيرتوار الغنائي والموسيقي المغربي والعربي أمثال البشير عبدو وعز الدين منتصر وليلى غفران والراحلان محمود الإدريسي ومحمد بلخياط وغيرهم.
شارك محمد الغاوي سنة 1979 في مسابقة “أضواء المدينة”، التي كانت تنظمها الإذاعة الوطنية آنذاك ويشرف عليها المنتج الفني الراحل حميد العلوي، وفاز بجائزة أحسن صوت رجالي عن أدائه لأغنية “مضناك جفاه مرقده” لمحمد عبد الوهاب، كما فازت الراحلة رجاء بلمليح بجائزة أحسن صوت نسائي عن أدائها لأغنية أم كلثوم “وحقك أنت المنى والطلب”. وقد كانت هذه الجائزة عبارة عن تسجيل الإذاعة لأول أغنية له بمصاحبة الجوق الوطني، وهي “الغربة والعشق الكادي” (1983)، من كلمات الراحل علي الحداني وألحان الراحل محمد بلحياط، التي شكلت بدايته الحقيقية في مجال الغناء.
يتضمن الريبيرتوار الغنائي للراحل محمد الغاوي ما يقارب مائة أغنية وطنية وعاطفية، شارك بها في العديد من السهرات العمومية، التي قام بنقلها التلفزيون المغربي، وغيرها. كما كان له حضور لافت في مختلف المهرجانات الفنية، خصوصا المنظمة بسلا والرباط ومدن مغربية أخرى، والسهرات الفنية المقامة خارج الوطن لفائدة الجاليات المغربية.
لم يكتف الراحل بممارسة الغناء، إلى جانب التدريس في المدارس العمومية، بل زاوج بينهما وبين التشخيص في المسرح والتلفزيون، تشهد على ذلك مشاركاته في بعض الملاحم الوطنية، من قبيل ملحمة “العهد” مع الراحل محمد حسن الجندي، والأعمال التلفزيونية كمسلسلات “راضية” و”اليد في اليد” و”وتستمر الحياة” و”أصوات المدينة” وغيرها… كما مارس التنشيط التلفزيوني من خلال تقديمه سنة 2022 لحوالي عشرين حلقة من برنامج “بين البارح واليوم” (قناة “الأولى”) والمساهمة في إعداده إلى جانب الإعلامي محمد السعودي، وهو برنامج توثيقي ممتع يتم من خلال حلقاته إعادة الإعتبار لمطربين وملحنين، من عيار حسن القدميري وعبد السلام عامر وعبد الله عصامي وعمر السيد ومحمد ارويشة والمعطي بنقاسم وعمر طنطاوي…، بصموا بإبداعاتهم الفنية ذاكرة المغاربة، وذلك عبر استحضار عينة منتقاة من عطاءاتهم. وقد سبق له أن تعاون مع نفس المنتج محمد السعودي في برنامج “نادي الشباب” في تسعينيات القرن الماضي. زد على ذلك حضوره اللافت كفاعل جمعوي، خصوصا مع جمعية أبي رقراق بسلا التي كان عضوا في مجلسها الإداري ورئيسا لنادي الموسيقى بها، ومبادراته الفنية والثقافية والإنسانية المتعددة وغيرها.
لا زلت أذكر آخر لقاء كان لي معه بمدينة الجديدة في الدورة 11 لمهرجان “الأيام السينمائية لدكالة” في الأسبوع الأول من نونبر 2022، وهي الدورة التي ساهم في تنشيط حفلها الختامي بغنائه وكلامه الجميل وحسه الإنساني الرفيع، إلى جانب مديرها الناقد السينمائي الصديق خالد الخضري، هذا زيادة على لقاءات متكررة بالمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا منذ تأسيسه سنة 2004 إلى دورة السنة الماضية.
رحم الله السي محمد الغاوي وألهم أهله وأصدقاءه ومحبيه الصبر الجميل.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أحمد سيجلماسي