تميز حفل افتتاح الدورة 27 لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، الذي احتضنه مسرح محمد الخامس مساء الخميس 17 نونبر الجاري، بتكريم مستحق للمخرج والمنتج نبيل عيوش وهو في أوج عطائه. فيما يلي ورقة، من توقيع أحمد سيجلماسي، تعرف بهذا المخرج المغربي/الفرنسي وبأعماله:
نبيل عيوش.. مخرج ناجح في تسويق أفلامه:
نجح نبيل عيوش، من فيلمه الروائي الطويل الأول “مكتوب” (1997) إلى فيلمه الجديد “علي صوتك” (2021)، في إنجاز أفلام بميزانيات ومواصفات تقنية دولية محترمة، مقارنة مع مجايليه من مخرجي التسعينيات من القرن الماضي. ولعل اشتغاله، في بداية مشواره الفني، في مجال الإشهار إلى جانب والده نور الدين عيوش مكنه من معرفة كيفية البحث عن مساهمين في إنتاج أفلامه، كما مكنه أيضا من معرفة طرق الترويج لهذه الأفلام باحترافية ملحوظة داخل المغرب وخارجه، ليس في المهرجانات فحسب بل في القاعات السينمائية أيضا. زد على ذلك اختياره في غالب الأحيان لمواضيع مسكوت عنها كالدعارة والتطرف الديني والمثلية الجنسية وأطفال الشوارع وغيرها، غالبا ما كان تناولها في أفلامه يثير جدلا واسعا في وسائل الإعلام وردود فعل قوية أحيانا من قبل الفئات المحافظة داخل المجتمع، الشيء الذي شكل ويشكل دعاية مجانية لها. ولعل جنسيته المزدوجة، المغربية الفرنسية، مكنته من الاستفادة من الإمكانيات الإنتاجية والترويجية المتاحة بفرنسا والمغرب وبلدان أخرى.
وليس غريبا إذن أن يتم اختيار بعض أفلامه للمشاركة في مهرجان “كان” السينمائي الشهير، خصوصا فيلمه الجديد “علي صوتك” الذي حظي سنة 2021 بالمشاركة في المسابقة الرسمية للدورة 74، رغم أنه لم يحصل على إحدى جوائزها. وبهذا يعتبر “علي صوتك” أول فيلم روائي طويل في تاريخ السينما المغربية، من توقيع مخرج مغربي، يتم اختياره للمشاركة في هذه المسابقة الرسمية، وذلك بعد مشاركات سابقة لمجموعة من الأفلام المغربية الطويلة في أقسام موازية من نفس المهرجان من قبيل “نظرة ما” أو “أسبوع النقاد” أو “أسبوعي المخرجين” وغيرها، من بينها فيلمان لنبيل عيوش نفسه شاركا تباعا سنتي 2012 و2015 في قسم “نظرة ما” هما: “يا خيل الله” و”الزين اللي فيك”.
ومعلوم أن “عليان”، الشركة المنتجة لهذا الفيلم، الذي كتب له السيناريو نبيل عيوش وزوجته مريم التوزاني، قد استفادت من صندوق دعم إنتاج الأعمال السينمائية برسم الدورة الأولى لسنة 2018 بمبلغ قدره 3,6 مليون درهم. كما شاركت في إنتاجه أيضا (بنسبة 52 في المائة) الشركة الفرنسية “أفلام العالم الجديد” بتنسيق مع مؤسسة فرنسية أخرى.
من خصوصيات نبيل عيوش في بعض أفلامه حرصه على أن يستمد مواضيعها من الواقع المعاش بمشاركة شباب المركز الثقافي “نجوم سيدي مومن”، الذي أنشأته مؤسسة “علي زاوا” سنة 2014، حيث أتاح فرص الوقوف أمام الكاميرا لأول مرة لمجموعة من اليافعين والشباب الذين أصبح بعضهم فيما بعد ممثلين في السينما والتلفزيون. ويمكن اعتباره بمثابة المخرج والمنتج المغربي الوحيد لحد الآن الذي نجح في تسويق أفلامه باحترافية هنا وهناك، وذلك بفضل التجارب والخبرات التي راكمها وبفضل شبكة العلاقات التي تمكن من نسجها داخل الوطن وخارجه.
يذكر أن المخرج والمنتج والسيناريست نبيل عيوش من مواليد باريس يوم فاتح أبريل 1969، استفاد بعد حصوله على البكالوريا (علوم اقتصادية) سنة 1987 من دروس مسرحية في الكوميديا والإخراج من 1987 إلى 1990. كما مارس في بدايته الفنية مهنا تقنية كالمحافظة وإدارة الإنتاج والمساعدة في الإخراج وغيرها. وابتداء من سنة 1992 شرع في إخراج العديد من الوصلات الإشهارية قبل أن يؤسس سنة 1999 شركته “عليان للإنتاج”. يرجع الفضل إلى بعض مبادراته كمسابقة “جائزة محمد ركاب” لكتابة السيناريو بالدار البيضاء ومشروع “فيلم أندوستري” بأكادير لإنتاج أفلام طويلة متنوعة الأجناس ناطقة باللغات الوطنية المختلفة في اكتشاف مجموعة من المواهب في الكتابة والإخراج والتشخيص وتخصصات تقنية عدة وصقل تجاربهم بالممارسة إلى أن أصبح بعضهم فيما بعد من الأسماء البارزة في السينما والتلفزيون كالمخرجين هشام العسري وياسين فنان وابراهيم الشكيري ومحمد علي المجبود وغيرهم.
تتكون فيلموغرافيته السينمائية من العناوين التالية: “أحجار الصحراء الزرقاء” (1992- فيلم روائي قصير)، “التجسس الإعلامي” (1993- روائي قصير)، “بائع الصمت” (1994- روائي قصير)، “مكتوب” (1997- روائي طويل)، “علي زاوا” (1999- روائي طويل)، “لحظة ظلام” (2002- روائي طويل)، “كل ما تريده لولا” (2008- روائي طويل)، “أرضي” (2010- وثائقي طويل)، “يا خيل الله” (2012- روائي طويل)، “الزين اللي فيك” (2015- روائي طويل)، “غزية” (2017- روائي طويل)، “علي صوتك” (2021- روائي طويل). وقد حصدت هذه الأفلام جوائز عدة في بعض المهرجانات السينمائية المغربية والعربية والدولية.
بالإضافة إلى أفلامه السينمائية وأنشطة أخرى، أنتج نبيل عيوش عبر شركته أو ساهم في إنتاج أو تنفيذ إنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة والطويلة لمخرجين شباب في بداية مشوارهم الفني، هذا زيادة على تنفيذه لإنتاج مجموعة من الأعمال التلفزيونية لعل أشهرها وأنجحها سيتكوم “لالة فاطمة” من إنتاج القناة المغربية الثانية.
من الرباط: أحمد سيجلماسي