عن دار «الدراويش للنشر والترجمة» في ألمانيا وبلغاريا، وفي (106) صفحة من القطع المتوسّط، صدر كتاب قطوف للكاتب الكردي السوري رشيد أحمد بعنوان: «أستغفر الله العظيم من كلّ ذنب عظيم».
القطوف/ الكتاب عبارة عن مجموعة من قصائد ونصوص، وهو العمل الأول لأحمد، يتناول فيه قضايا الموت والوطن والدين والحبّ، والظلم الذي يُمارس ضدّ اللاجئين من قبل البلاد التي استضافتهم، ومَن يموّل المشاريع الخاصّة بحمايتهم وتوطينهم، محاولاً فيه كشف المستور والطعن بما يهدّد حياة الناس.
وعن كتابه الأول قال أحمد: «الكتاب بحدّ ذاته مضمون لمضمون، فكيف لنا بإضافة مضمون ثالث، يضمن المضمونين المضافين على المضمون الأول المضاف للصفر».
ويفترض اللاجئ المقيم في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن: «لو طرحنا المضمون الأساسي على العلن، دون التطرّق للمضمونين المضافين، من قبل الكاتب والقارئ، فعلى العلن أن يعلن أن أرضنا هي جنّة عدن، وإلا فلا يضمن الأقوال إلا الأفعال، ولا يضمن الأفعال إلا الحكماء، والمنصتون الأشبال. ولكن إن قرأت كتابي بإنصات؛ ستجدني ما زلت أكتب، ولم أنتهِ بعد!». مضيفاً: «المواضيع المطروحة جميعها ليست سوى نقطة في بحر الموضوعات التي لن تنتهي، حتى لو قمت بكتابة ملايين من الكتب».
وأكّد مدرّب الرقص المولويّ الصوفيّ، أن له دينه، وللآخرين دينهم، وأنه لولا الهجرة واللجوء لما صار من المجانين، موضّحاً: «لولاهما لما جننت، فتعقّلت، فتذلّلت، فعشقت الذلّ طوعاً؛ لأبحث عن الأذِلّاء، وأذكرهم بأن الله حقّ». متسائلاً: «أين الحقّ؟ فعلُك هو الحقّ. والحقّ هو الكلّ، فاعتني بالكلّ؛ ليرضى عنك الحقّ».
وحول حديثه عن المجتمع يرى ابن مدينة عفرين: «المجتمع؟! المجتمع كلمة جميلة، رائعة، إنسانية بحتة، سيمفونية (الحواس الخمسة). أحبّ المجتمع؛ لذلك أتلذّذ بإظهار عيوبه وجماله، ولن أتوقّف حتى أتوقّف! هو سيمفونية الحواس الستة».
وفيما يلي مقطع من نصّ بعنوان: «في قسم التوليد (الجزءُ الثاني)»، وفيه حوار جريء وعميق بالمطروح، بين اللاجئين – مؤيّدين ومعارضين – والمستضيفين لهم:
«الجنينُ رقم 1 يقولُ للجنين رقم 2: هل أنت معارضٌ أم مؤيّد؟
الجنينُ 2: أنا معارضٌ للنظام السوري، وحينَما أبلغُ سنَّ البلوغِ سوف أحاربُهم، لأبيدَهم!
الجنينُ رقم 1: أنا مؤيّدٌ وأكرهُ إخوانَ المسلمين أمثالك، وأحبُّ قائدَنا إلى الأبد (واعْ.. واعْ.. واعْ.. واعْ..).
الجنينُ 2: اسكتْ، وإلا حطّمْتُ زجاجَ حضانتك، انتظرْ كي أنمو قليلاً وسوف ترى ردّةَ فعلي، (واعْ.. واعْ.. واعْ..).
هنا وإذ بقدوم الجنينِ ذو الشعر الأشقر، الأجنّةُ الثلاثةُ الآن بجانب بعضهم البعض، (الوعاويع) في تصاعد.
الجنينُ الأوروبيُّ: من أين أنتم؟
يردُّ الاثنان معاً: نحن سوريون!
الجنينُ الأوروبيُّ: عودوا إلى بلادكم، نحن لا نريدُكم، كنْتُ أسمعُ أبي وأمي والزوّار حينما كنْتُ في بطن أمّي، أنتم ترعبوننا، ونحن لسْنا بصدد العملِ على توسيع آفاقِكم الأدبية والأخلاقية.
يردُّ الجنينُ المعارضُ: أرجوك أيُّها الصديقُ، نحن هنا لأننا نحبُّ السلامَ، ألا ترى ما يفعلُه النظامُ الحاكمُ بالناس هناك؟
الجنينُ المؤيّدُ: نعم أيُّها الصديقُ، نحن لأجل السلامِ، ألا ترى ما يفعلُه الإرهابيون هناك؟
الجنينُ الأوروبيُّ: هذه مشاكلُكم، ولسنا مستعدّين لسماع تأوّهاتكم العنصرية.
وإذ بجنين رابعٍ يوضعُ في القطرميز، إنه جنينٌ كرديٌّ!
(واعْ.. واعْ.. واعْ..)، بدأَ الصراخُ يعلو؛ لأن الجنينَ الكرديَّ شاركَ في المحادثة.
يقولُ الجنينُ الأوروبيُّ: أنتم تحتلّون قسمَ التوليدِ أيُّها اللاجئون، اخرجوا من قطرميزاتنا، وعودوا إلى بلادكم.
وإذ بالجنين الكرديّ يتكلّمُ: أرجوك أيُّها الصديقُ نحن هنا لأننا هربْنا من بطش الإسلاميين المتشدّدين، هؤلاء الذين يدّعون بأنهم معارضة سورية ومن الحكومة السورية، الأوّلُ يهاجمنا برّاً والثاني جوّاً، أرجوك أن تفهمَ سببَ مجيئنا هنا!
الجنينان المعارضُ والمؤيّدُ: اسكتْ أيُّها الانفصالي؟
الجنينُ الكرديُّ: أنا لسْتُ انفصالياً، أنتم الانفصاليون.
الجنينُ الأوروبيُّ: أنتم مجرّدُ أغبياء على هيئة بشر، اخرسوا وعودوا حيث أتيْتم، حينما أكبرُ لن أدعَ أحداً منكم هنا، سوف أدرسُ السياسةَ الديمقراطيةَ، وسوف أدعمُ زملائي السياسيين الديمقراطيين، لفتح فرعٍ جديدٍ للأسلحة الإيديولوجية، لكي تقضوا على بعضكم هناك، لا نريدُكم هنا، ارحلوا، هيّا».