بينما كان صالح في رحلة مع أصدقائه، في منطقة سياحية من أجل الاستجمام، واسترجاع ذكريات الطفولة؛ لاحظ أن أحد أصدقائه يتصرف بطريقة أثارت انتباهه، بحيث كان بين الحين والآخر ينصرف من المجموعة، ويخرج شيئا من جيبه، ويبتلعه ببعض الماء، بصورة حذرة.
بعد تجاهل صالح لما رآه، عاد في الأخير فحاول أن يتدخل، رغم أن الأمر لا يعنيه، لكن بحكم الصداقة والعشرة الطويلة، لم يستطع أن يصمت، حين رآه مرة أخرى وهو يبتلع نفس الشيء، فسأله مستنكراً:
ـ ما الذي تأكله؟، هل أنت مريض؟!.
فاضطرب صديقه، وهو يخبره:
ـ إنه دواء، يساعدني على التركيز، والفرفشة، وعدم الشعور بالألم.
فأجابه صالح والفضول يأكله:
ـ دعني أجربه، فأنا أحس بأن جسمي يؤلمني، من كثرة حركتي اليوم.
ودون تردد، أعطاه قرصاً أبيض، وقال له:
ـ ابلعه بالماء مباشرة.
وبعد نصف ساعة، بدأ صالح يشعر وكأن قوته تتضاعف، ومزاجه هاديء، ولديه شعور عميق بأن كل شيء سيكون بخير، ظنا ان دواء عاد… ومر اليوم، واستيقظ صالح في اليوم الثاني متذكرا ذلك الإحساس، الذي أحس به البارحة، فوجد نفسه يبحث عن صديقه هذا، ويسأله عن نوع الدواء، ويطلب منه قرصا آخر.
ففاجأه صديقه بعدم وجوده لديه، لكن يمكنه أن يجلبه له إذا كان يريده، وبأنه سيذهب لشرائه بعد انتهاء الدراسة.. حاول صالح أن يصبر حتى انتهاء اليوم الدراسي، ولكنه لم يستطع، فلهفته واشتياقه لذلك الشعور، جعله يطلب من صديقه أن ينصرفا معا من المدرسة سريعاً، ويعودا قبل انتهاء الحصص، وكانت هذه بداية النهاية لصالح.
يوم بعد يوم، أصبح جسم صالح يتعود على حالته الجديدة، ويطلب المزيد باستمرار، دون أن ينتبه أنه مهلوس، ويضر بجسمه أكثر ما ينفعه. كما تغيرت تصرفاته، سواء مع أفراد أسرته أم داخل المدرسة، لا سيما وأنه بدأ يتعامل مع زملائه تعاملا غريبا، لم يعهده أحد عليه، حتى مع مدرسيه، بحيث أصبح شخصا عنيدا وعنيفا، لا يستطيع أحد أن يطلب منه شيئا، هو لا يريد أن يفعله. وبدأ صالح يتراجع في دروسه، ويبتعد عن تفوقه شيئاً فشيئاً، وزادت مشاكله مع زملائه، مما اضطرت معه المدرسة لفصله عن الدراسة، فوجد نفسه لا يفعل شيئا سوى التعاطي والبحث عن المخدرات، والتسكع في الطرقات.
ازدادت حالته سوء، وتدهورت حالته الصحية والمادية، وبدأ يسرق مدخرات والدته دون استئذان، حتى أصبح يأخذ كل ما يجده أمامه، ويمكن بيعه، دون ان ينتبه لأفعاله وسلبياتها، سواء عليه ام على أسرته، وكل ما سئل عن شئ ينكر أنه قد رأى أي من تلك الأشياء، حتى تفاجأت أسرته بما وصل له من تدن في أخلاقه وحاله، فأصابتها حيرة متوترة، وتساءلت: مالذي دفعه لما وصل إليه، ولكنهم لم يعرفوا أن هذه المأساة بدأت بفضوله لتناول مالا يعرفه، ولمكر صديقه لتوريطه معه، ثم إصراره على الاستمرار، وترك دراسته من أجل المخدرات، التي جعلته يصل الى هذا الحد من السوء. والنتيجة أنه فشل في دراسته، وتحول مع الوقت لمدمن مخدرات يتعاطى كل ما يجده، ويجرب كل ما تصل إليه يداه، نتيجة الرفقة السيئة، وانعدام المسؤولية. وما كان على أسرته إلا ان تأخذ قرارا صارما بإدخاله مستشفى لعلاج الإدمان، حتى يستعيد نفسه واعتباره، إذ لم تعد له أي قيمة بعد أن أفقدته المخدرات قيمته .بين زملائه وأساتذته وكل من يحيطون به.