15 أقامت المدينة الدولية للنسيج ف أوبيسون حفلًا للكشف عن العمل الفني “يِبهم” ، وهي لوحة منسوجة مستوحاة من الأعمال الفنية للمُبدعة القطرية متعددة التخصصات، بُثينة المفتاح. تمزج اللوحة الفنية بين إبداع الفنانة بُثينة المفتاح ونسيج أوبيسون بين التقليد الفرنسي واللون الفني القطري المُعاصر، الذي يدعو المشاهد لاكتشاف حرفة النسيج التقليدية من وجهة نظر فنان مُعاصر.
أُنجز هذا المشروع الذي يستثمر الإرث الذي تتركه الأعوام الثقافية خلفها بفضل التعاون الذي أُقيم خلال العام الثقافي قطر-فرنسا 2020 الذي اختُتم بالاحتفال بمرور 50 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر وفرنسا. أسست سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثانية، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، مبادرة الأعوام الثقافية لتعزيز التفاهم المُتبادل والتقدير بين قطر والدول حول العالم.
وقال سعادة السفير ناصر حمد الحنزاب، المندوب الدائم لدولة قطر لدى منظمة الأمم المتحدة “اليونسكو”، والذي حضر الحفل: “أنشأت متاحف قطر مُبادرة الأعوام الثقافية إيمانًا منها بأهمية الثقافة باعتبارها جسرًا للحوار المثمر بين الشعوب، فبدون الثقافة لا يُمكننا التعرف على بعضنا البعض. ولهذا السبب يجب رعاية مبادرات العام الثقافي قطر-فرنسا 2020 مثل العمل الفني “يِبهم”، والذي يتضمن أحد أهم عناصر التراث الثقافي غير المادي التي حددتها اليونسكو.”
تم إنشاء المدينة الدولية للنسيج في أوبيسون استجابةً لدعوة اليونسكو لإدماج حرفة صناعة النسيج في قائمة التراث الثقافي غير المادي في عام 2009. أما نسيج أوبيسون هو تقليد فاخر عمره ستة قرون، وحرفة تمثِّل الأصالة والتقاليد المحلية، تتجدد دائمًا بالإبداعات المعاصرة.
وقالت عائشة غانم العطية، مدير إدارة الدبلوماسية الثقافية في متاحف قطر: “لا أجد طريقة للاحتفال بالذكرى الخمسين للعلاقات القوية التي أُقيمت بين بلدينا أفضل من التعبير عن العلاقة الودية والمُثمرة التي نتمتع بها الآن من خلال عمل فني. يُتيح التعاون الثقافي، الذي يتم تمكينه من خلال برامج مثل مبادرة الأعوام الثقافية، أساسًا قويًا وثريًا يجمع الناس سويًا مرةً تلو الأخرى عبر الثقافات والقارات “.
وعلَّقت بثينة المفتاح: “كان شرفًا عظيمًا أن أتعاون مع فريق منسوجات أوبيسون، الذين استطاعوا تحويل تصوّري إلى هذه القطعة الفنية. تم إنجاز هذا المشروع في جامعة فرجينيا كومنولث أثناء إقامتي الفنية في برنامج “فنون” من 2019 إلى 2020. وأن أراه الآن عملاً فنيًا معروضًا هو تميزٌ فاق توقعاتي. أود أن أنتهز هذه الفرصة لأتقدم بالشكر إلى سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وفريق الأعوام الثقافية وبالطبع منظمة الأمم المتحدة “اليونكسو” ومصنع أوبيسون لإعطائي الفرصة لأن أكون جزءًا من هذه المبادرة المتميزة، فقد كان من دواعي سروري العمل معهم.”
بثينة المفتاح هي فنانة تشكيلية قطرية حاصلة على بكالوريوس الفنون من جامعة فرجينيا كومونولث كلية فنون التصميم في قطر. بعد تخرجها، وجَّهت المفتاح ممارساتها الفنية إلى فن الطباعة وفن الطبوغرافيا والتوثيق الذي تطور مع مرور السنين إلى صنع تركيبات فنية كبيرة الحجم وفنون أدائية وتعبيرية. مصدر إلهامها الرئيسي هو الإرث الثقافي لوطنها، حيث تستعير في أعمالها عناصر من التاريخ الشفوي لشعب قطر وتراثهم الشعبي وتعمل على إعادة تركيبها لتشكل انعكاساً لعلاقتها مع ماضي وطنها.
افتتان المفتاح بكافة الأوجه لذكريات وطنها قادها لأن تطور بحثها والتفكر في الحياة في أحياء قطر القديمة ومن خلال الشعب الذي جسّد هذه الحياة. غالباً ما نجد شخصيات وقصصاً من هذه الأحياء تتحول في عالمها إلى أعمال تصويرية مجردة تظهر في عملها اليوم، كنهج لإعادة إحياء لحظات وذكريات الماضي وإعادة بنائها في بيئات معاصرة. التفتت المفتاح تدريجياً إلى التوثيق المفاهيمي عبر تجليد الكتب للتعبير عن ماضي قطر من وجهة نظرها – تخليداً لما فُقد في هاوية الزمن.
والعمل الفني “يِبهم”، مستوحى من الأغنية القطرية التقليدية “توب توب يا بحر!”. كانت النساء تغنين هذه الأغنية بينما يقفن على شاطئ البحر في انتظار عودة أزواجهن وأبنائهن وإخوتهن الذين كانوا يعملون بحرفة الغوص على اللؤلؤ سالمين. وتُردد النساء الأغنية بتأثر، ويطلبن من البحر أن يبقى هادئًا حتى يعود أفراد أسرهن بأمان.
وأضافت الفنانة: “ما جذبني حقًا هو كلمات هذه الأغنية. فاستخدام اللهجة المحلية للتعبير عن مشاعر هؤلاء النساء هو ما جعلها ذات أهمية خاصة بالنسبة لي. توضح سلسلة “يِبهم” أصوات النساء التي يصل صداها إلى أمواج البحر. وتُبرز جزءًا تلاشى من تراث بلدي قطر، فأنا أحاول احتضان الشعور بالحنين الذي يثيره هذا التراث وأتيح للمشاهد فرصة تذوق جماليته”.