استضافت “حاضرة المحيط” أسفي تظاهرة شعرية كبرى نظمتها دار الشعر بمراكش، مساء الأربعاء الثامن من مارس، احتفاء بالمرأة في يومها العالمي وبميسم واحد هو الاحتفاء بالتنوع الثقافي المغربي، ضمن انفتاح الدار على مختلف المدن والجهات الست للمملكة. واستضافت قاعة العروض بمدينة الفنون والثقافة أسفي، شاعرات ديوان “أصوات نسائية” من تجارب وحساسيات وأجيال مختلفة، توحدن تحت ظلال القصيدة. الشاعرة دامي عمر، والزجالة فاطمة المعيزي، والشاعرة الحسانية خديجة لعبيدي “الناها”، والشاعرة الأمازيغية ملعيد العدناني، والشاعرة والأديبة التونسية فاطمة بن محمود، في لقاء بصيغة المؤنث تحيينا للحاجة الدائمة للإنصات لهذا الأفق الإبداعي النسائي، والذي طالما فتح عبر التاريخ، دروبا ومسارات خصبة على الإبداع والتخييل والفرادة.
وأحيت فرقة الموشحات العربية والمغربية بأسفي، الى جانب الحضور المتميز للفنان العربي المتألق مراد البوريقي، حفلا فنيا استثنائيا لهذه البرمجة الشعرية لفقرة “أصوات نسائية”، والتي ليست إلا تمثلا صغيرا لهذا المشهد الغني بمنجزه الشعري والنقدي، رسخت من خلاله الشاعرة والناقدة المغربية مسارات القصيدة المغربية الحديثة، إبداعا ونقدا. هذه التظاهرة الشعرية والثقافية، والتي نظمتها دار الشعر بمراكش تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبتنسيق مع المديرية الجهوية للثقافة (مراكش أسفي) في مدينة أسفي والتي وسمها ابن خلدون ب”حاضرة المحيط”، تأتي في سياق البرنامج الشعري والثقافي للدار خلال موسمها الخامس 2021/2022، ضمن إبداع متجدد لفقراتها وانفتاح على مختلف التجارب والأصوات والحساسيات الشعرية المغربية. ومنذ تأسيسها (في 16 شتنبر 2017)، بموجب بروتوكول تعاون بين وزارة الثقافة والاتصال بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة بحكومة الشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة، واصلت دار الشعر بمراكش الاحتفاء بالقصيدة المغربية، إبداعا ونقدا وتأطيرا.
واستهل الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، عتبة هذه التظاهرة الشعرية بالتأكيد على “حاجة الإنسانية اليوم للشعر ولقيمه، والإحتفاء بالمرأة الشاعرة هو تأكيد على هذا الأفق الذي تفتحه هذه التجارب الإبداعية على قيم التعدد والصفاء الإنساني، وأيضا انتصار لأفق القصيدة في ترسيخ قيم الجمال والحب”. ورحبت المديرة الاقليمية للثقافة بأسفي واليوسفية، الأستاذة ابتسام الوريامشي، بالخطوة الدالة لدار الشعر بمراكش، في أن تنظم الاحتفاء بالمرأة في مدينة تزخر بالجمال وحاضرة المحيط أسفي، وتوقفت السيدة الوريامشي عند نضالات المرأة عبر التاريخ لتحقيق المساواة وترسيخ حقوقهن. وافتتحت فرقة الموشحات العربية والمغربية بأسفي، برئاسة الفنان الكبير لحسن البوريقي، هذه التظاهرة الثقافية الكبرى والتي شهدت حضورا لافتا، بفقرات موسيقية تمتح من التراث الموسيقي المغربي والعربي واحتفاء بالقصيد.
فقرة أصوات نسائية لحظة شعرية متجددة، تجد صداها في جميع فقرات دار الشعر بمراكش، دون استثناء، للاقتراب من عوالم تجارب شعرية نسائية وانفتاح متجدد على أفق قصيدة تؤسس كينونتها الخاصة، وتسبر أغوار بلاغتها ولغتها المتفردة. قرأت الشاعرة دامي عمر، والتي صدر لها ديوان “معابر الحبر” عن بيت الشعر في المغرب، قصائد جديدة تستدعي بخلفية معرفية وغوص عميق في مجازات اللغة، كينونة المرأة في استقصاء لصفاء التحرر وصوتها المتفرد. أما الشاعرة الحسانية خديجة لعبيدي، “الناها”، والتي تمثل أحد العلامات المضيئة في سماء القصيدة جنوبنا المغربي وأحد الشاعرات اللواتي رسخن تجربة القصيدة الحسانية، فاختارت سفرا مصغرا بين نصوصها الشعرية الحسانية، ومختارات من شعر التبراع. الشاعرة الزجالة والفاعلة الجمعوية فاطمة المعيزي، والتي راكمت منجزا شعريا مهما، ابتداء من ديوانها “ضفاير لالة” وانتهاء بديوانها الجديد “عيوطي على خربوشة”، والتي تزواج في تجربتها الشعرية بين الفصيح والزجل، فقدمت عرضا حيا لنصها الشعري الزجلي، إلقاء وغناء. في حين أضفت مشاركة الشاعرة الأمازيغية ملعيد العدناني، والتي صدر لها ديوان “الرماد الأخضر الملتهب” والمتوجة بجائزة المغرب للكتاب (2019) صنف الإبداع الأمازيغي، ميسما خاصا على هذه التظاهرة الشعرية إذ أمسى ديوان “أصوات نسائية” لدار الشعر بمراكش، “هوية شعرية مغربية منفتحة على التعدد”.
عبرت الشاعرة والأديبة التونسية، فاطمة بن محمود، عن سعادتها أن تكون ضيفة دار الشعر بمراكش وأسفي، وأهدت مختارات من منجزها الشعري، الذي راكمته لسنوات (شعرا وسردا ونقدا)، للحضور في اختيار للومضة الشعرية وتكثيف لمجازاتها. الحفل الفني، والذي اختارت دار الشعر بمراكش أن يكون باقة حب للمرأة في يومها العالمي، أحيته فرقة الموشحات العربية والمغربية بأسفي، وعرف حضور الفنان العربي مراد البوريقي، والذي قدم جديده الفني الغنائي محتفيا بالقصيدة واللغة العربية، في مختارات لأغاني تحتفي بالمرأة. هذا الحفل، الذي شهد حضورا لافتا للمرأة الى جانب إعلاميين وشعراء ومثقفين وجمهور أسفي العاشق للثقافة والفنون، في مدينة الثقافة والفنون وحاضرتها.
في موسمها الجديد، فتحت دار الشعر بمراكش نوافذها الشعرية وفقراتها الشعرية أمام زخم التجارب والرؤى، (نبض الأبجدية، الكلام لمرصع، سحر القوافي، محاورات، الدرس الافتتاحي، سيرة شعرية، شعراء إعلاميون، ملتقى حروف، ضفاف شعرية، مقيمون في الذاكرة…)، فيما استقصت ندواتها وتظاهراتها أسئلة وقضايا الشعر المغربي. دار الشعر بمراكش، تسعى جاهدة أن يشكل الموسم الخامس من برمجتها، أفقا “ممكنا” لترسيخ قيم الشعر “المجتمعية”، وأيضا عودة “الأمل” للإنسانية وهي تتجاوز مرحلة عصيبة من تاريخها.
طنجة الأدبية