يظل فيلم “أصحاب ولا أعز” فيلما مقبولا فنيا يعالج ظواهر اجتماعية آنية أصبحت معولمة، وهذا ما يبرر أن الفيلم رغم كونه مقتبسا من فيلم أجنبي لايفقد طراوته وخصوصيته وصدقية شخوصه المنتمين لبيئة عربية.
يدخل الفيلم في نوعية أفلام “الوي كلو” والتي تدور في فضاء مغلق، المعتمدة بالأساس على الحوار المكتوب بدقة وعلى تكوين الشخوص النفسي، وكما في أغلب الأفلام الناجحة من هذا النوع يظل التمثيل نقطة القوة فيها، وهنا في فيلم “أصحاب ولا أعز” يتفوق كل الممثلين في تقمص أدوارهم إبتداء من منى زكي مرورا بنادبن لبكي وباقي الممثلين.
ثم ومرة أخرى وبنفس الإصرار الذي يحسدون عليه يعود المحافظون (المتدينون) في العالم العربي، ليتدخلوا في الفن، ومن خلال هذا الفيلم، من وجهة نظرهم المتخلفة حوله، محاولين إصدار أحكام أخلاقوية عليه من خارج ماهو فني وفرض الوصاية عليه، إلى درجة رفع قضايا في المحاكم ضد صناع الفيلم وممثليه.
النقطتان اللتان جعلتا أصحاب الضجة ينتفضون هما مشهد لشخصية مريم التي تؤديها منى زكي وهي تنزع عنها تبانها وتضعه في حقيبة يدها وهي تستعد للخروج مع زوجها، وبالنسبة لي فقد كان المخرج جد محافظ في تصوير هذا المشهد وجعل منى زكي تحافظ على صورتها كممثلة لم تتجاوز أبدا سقف الأداء الذي يمكن أن يضعها في صنف ممثلات الإغراء أو الممثلات الجريئات في أداء أدوار تتطلب إظهار بعض المفاتن أو التقبيل على سبيل المثال. المشهد تظهر فيه منى زكي مرتدية ملابسها ومن ةصدرها فما فوق ولا نشاهد سوى التبان وهي تضعه في حقيبة يدها.
النقطة الثانية التي دفعت من يريدون وضع وصايتهم على السينما ينتفضون ويخرجون من جحورهم المظلمة، هي كون أحد شخوص الفيلم مثلي الأمر الذي لا نعرفه سوى في الثلث الأخير من الفيلم بعد سوء تفاهم سيقع في هذا السياق، وليست هذه المرة الأولى التي نشاهد فيها شخصية مثلية في السينما العربية وحتى المصرية بالخصوص وأظن أن شخصية الصحفي في فيلم “عمارة ياعقوبيان” قُدمت بشكل أكثر جرأة فنية من هذا الفيلم وفي مشاهد نكاد أن نشاهد فيها الفعل الجنسي وهو على أهبة أن يقع.
عموما يظل هذا الفيلم ومرة أخرى من تلك المرات التي تُحرِّك فيها السينما والفن عموما تلك البِركَة الآسنة للعقليات المتخلفة التي تنتمي للعصور الوسطى ولعصور الظلام. ففيما العالم تجاوز مثل هاته النقاشات العقيمة نظل في هذه البقعة من العالم لا نراوح مكاننا ونجدنا كل مرة مضطرين لترديد نفس الكلام البديهي للدفاع عن حرية الإبداع التي مازالت تعاني في بلداننا المنكوبة.