أقامت دار الشعر في تطوان، مؤخرا، حلقة جديدة من تظاهرة “حدائق الشعر”، بمشاركة الشاعر أبو المعالي والشاعرة فتيحة النوحو والشاعر الحسين مخلوف، وهي التظاهرة التي احتضنتها حدائق باب العقلة، في فضاء مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان. وتمثل الحديقة التي احتضنت هذه الأمسية مقدمة لسلسلة من الحدائق الشهيرة في تطوان، من حديقة ماريانو بيرتوتشي وصولا إلى “حدائق ورياضات النخيل”، مرورا بالحدائق الكبرى لـ”رياض العشاق”. وما بين جنانات بوجراح وكرمة الجبل وبساتين كيتان، كما تغنى بها الشعراء المغاربة وهم يترددون على تطوان، منذ قرون.
واستهل الفنان الحسين النتيفي هذه الأمسية بأداء مبتكر لأغنية “لرسام” لمجموعة لمشاهب. وهي الأغنية الشهيرة التي تذكرنا بوقوف الشاعر العربي على الرسوم، من حيث انطلقت أروع معلقات وقصائد الشعر العربي منذ العصر الجاهلي. مثلما قدم النتيفي مواويل ومقاطع من المدونة الغنائية العربية، رفقة عازف البيانو والمؤلف الموسيقي الأستاذ محمد أمين أبوري.
وغير بعيد عن أجواء هذه الحدائق الأندلسية، تغنت الشاعرة فتيحة النوحو بالأندلس، من خلال قصيدة تحتفي بغرناطة وشاعريتها. مثلما تغنت بأنوثة القصيدة والرؤيا الشعرية العميقة، وهي تخوض سفرا شعريا من نشيد البدء إلى نشيد المطلق، بينما “الحبر سيد الكون”، باستعارة الشاعرة. بينما هي تعلن التحدي الشعري: “لن يستلني العدم/ من حضن الزمن”.
وصدح الشاعر عبد العالي كويش، المعروف في المشهد الشعري العربي باسم “أبو المعالي”، بقصائد غنائية، حين يردد:
إني قرأت متون الحب سوسنتي فلم أجد لك وصفا في معاجمه
ظلم رحيلك هذا الظلم أعرفه في عالم العشق بعض من معالمه
فالظلم من شيم العشاق قاطبة والعاشق الحق مشغوف بظالمه
مما يؤرق أن الغيب ملتبس يحار كل لبيب في طلاسمه
أما الشاعر الحسين مخلوف، فالشعر عنده “جنون وإحساس متوحش”، و”سفر في الذات والذاكرة”، كما تقول قصائده. وقد احتفى الشاعر بمعشوقته، وهي منطقة “باب برد”، مسقط رأسه ومهوى شعره. وكما يحتفي الشاعر بمكانه يتساءل مع زمانه: “هل هذا الجيل لا نبع له/ لا ماء له/ لا شمس له”، قبل أن يجيب: لأنه “لا نبع له”.
وتعد “حدائق الشعر”، وهي تستحضر البرنامج لإذاعي الشهير للشاعر الراحل محمد بنعمارة، واحدة من التظاهرات الشعرية التي تحرص دار الشعر في تطوان على تنظيمها، من خلال إخراج القصائد للناس، خاصة في ظل الجائحة، حيث تحتاج القصيدة غلى هواء عليل في ظل هذا الزمن العليل. وشارك في حدائق الشعر، خلال السنوات الأخيرة، كل من الفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني، وعازف الناي مصطفى حكم، والفنانة مروة السباعي وعازف العود أيمن الغول والحسين النتيفي ومحمد أمين أبوري، والشعراء علال الحجام وياسين عدنان وفاطمة مرغيش وعبد الرحمن الفاتحي وناصر العلوي ونسيمة الراوي وحسن بنزيان وعبد الخالق الصروخ ومفيد عطيمو وعبد اللطيف الوراري والمعتمد الخراز وفاطمة الزهراء بنيس، واليوم مع فتيحة النوحو وعبد العالي كويش والحسين مخلوف.
وتنضاف حدائق الشعر إلى طائفة من التظاهرات التي تنظمها الدار، منذ تأسيسها، ومنها “ليالي الشعر” و”ليالي الزجل” و”شعراء ونقاد” و”توقيعات” و”الأطلال” و”بحور الشعر” و”ديوان” و”مساء الشعر” و”صباح الشعر”، إلى جانب ندوات وملتقيات ومنتديات ومسابقات…، فضلا عن مهرجان الشعراء المغاربة الذي يستعد لعقد دورته الرابعة.
وتأسست دار الشعر في ربيع 2016، بناء على مذكرة تفاهم بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة. وهي مؤسسة دولية تعنى بالشعر والشعراء، وتسعى في تكريم التجارب الشعرية المختلفة، واكتشاف الأصوات الشعرية الجديدة.
طنجة الأدبية