يحتفل سنويًا بيوم المدرس العالمي، الذي يصادف يوم 5 أكتوبر، وذلك منذ 1994، إشادة بدور جميع أنواع المدرسين في كل العالم. ويهدف هذا اليوم المجيد إلى تعبئة الدعم المعنوي للممارسة التربوية، وللتأكد من أن احتياجات الأجيال القادمة سيوفرها في جميع أنحاء العالم، المدرسون بكفاءة مهنية وإنسانية، على أساس أن التعليم الجيد يوفر الأمل والوعد بمستوى معيشة أفضل. مع ذلك، فليس من الممكن أن يكون هناك تعليم جيد بدون وجود مدرسين مخلصين ومؤهلين تأهيلا جيدا، علما أن المدرسين هم من أهم العوامل التي تجذب الأطفال إلى مدارسهم وتؤثر في عملية تعليمهم.
ترى لماذا ينبغي أن نقف مع المدرسين؟ لأن مهنة التعليم ما فتئت تفقد مكانتها في أنحاء عدة من العالم. ويلفت اليوم العالمي للمدرسين الانتباه إلى ضرورة رفع مكانة مهنة التعليم، ليس لأجل المعلمين والتلاميذ فحسب، ولكن لأجل المجتمع ككل، مما يمثل إقرارا بالدور الذي يضطلع به المدرون في بناء المستقبل
لهذا فإن يوم المدرس يهدف أساساً إلى تكريم المدرسين، وتعظيم شأنهم في مجتمعاتهم، كما يهدف أيضاً إلى معرفة احتياجاتهم، وتوفيرها لهم من أجل تأدية رسالتهم النبيلة على أكمل وجه، وأتم صورة ممكنة. إضافة إلى ذلك، فإن من الأمور الهامة التي يهدف إليها يوم المدرس أيضاً، الارتقاء بمهنة التعليم بشكل كامل، والنهوض بها على أحسن وجه.
أما مدرسو المغرب، فنجدهم قد احتفالوا بهذا اليوم، بغمة في القلب وغصة في الحلق، وهم يرددون بين جوانحهم : عيد بأي حال عدت يا عيد ؟ وهم يستحضرون الواقع الكارثي الذي يعيشونه، والوضعية المزرية التي يتخبطون فيها، محاولين تحدي الصعاب التي تواجههم، والإكراهات التي عجزوا عن التغلب عليها. حالهم بئيس؛ رغم أنهم ينتمون إلى أغنى وأجمل بلد في العالم .
في هذه المناسبة ببلدنا، الأجدر أن يعلن الحداد عوض عيد رجال التعليم! لماذا؟ نظرا للوضعية الكارثية، التي يعيشها حاليا، التي جعلت من الأستاذ إنسانا مهمشا ومحاربا، ومستهدفا بقرارات ظالمة، ويمكن إجمالها كالتالي:
ـ التمديد في سن التقاعد. وهو إجراء قسري ضحيته مسنون يستعبدون لتأدية عمل إضافي.
ـ حرمان الآلاف من الأساتذة من حقهم في الترقي. بل إخضاعهم لكوطا ظالمة عن طريق نظام الأقدمية، واختبارات صورية مشكوك في مصداقيتها.
ـ التنقيل القسري من مكان العمل إلى أماكن نائية، دون رغبة أو اختيار من الضحايا، مما ينعكس سلباعلى استقرارهم النفسي والاجتماعي والمهني.
ـ الحرمان من استكمال الدراسة الجامعية، وما يستتبعه من تجهيل وتضبيع لرجال التعليم. وكذا حرمانهم من الترقي المهني والاجتماعي، عن طريق الحصول على شواهد عليا.
ـ غياب الحماية من أخطار المهنة. كالإعتداءات والعنف الممارس من طرف التلاميذ أو أوليائهم. وعدم تقديم المساعدة للعاملين بالمناطق النائية أثناء وقوع الكوارث المناخية.
ـ تردي الخدمات الاجتماعية المقدمة لهيئة التدريس، والتي لا ترقى إلى مستوى المجهودات التي يبذلونها لتربية وتعليم الأجيال، وتأهيل العنصر البشري .
وفي الأخير، لا يسعنا سوى أن نقول مع المتنبي:
عيد بأية حال عدت يا عيد؟
كما نستأنس برائعة أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي رفع قيمة المدرس إلى مستوى أعلى، كما هو الشأن لدى أكثر الأمم حضارة ورقيا:
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا
كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا
سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ
علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى
أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماته
وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا
وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ ، تـارةً
صديء الحديدِ ، وتارةً معقولا