الروح حائرة بين هنا وهناك. تعاني من كلمات تتساقط سهوا على جوانحنا، وتتبعثر بين شعاب النفس، محملة بفورة ألم قديم جديد مستمر. ألمي اكبر من أن يوصف، من غرابة الموقف. فالنفس حائرة بين انتفاضة حق، وهروب براعم في عز العنفوان.
تلكم معادلة أليمة، هي قدر أجيال عربية راهنا. سقطت الكلمات ولم يتبق للحروف إلا معايشة شباب ثائر من أجل أرضه، مدافع بكل قواه، مضح بالغالي والنفيس، بما في ذلك أرواحه وهي أغلى ما يملك. ورغم كل سلبيات الحياة، وتضييق الخناق عليه بكل الأدوات الجهنمية، من طرف الصهاينة المعتدين؛ فإنه بسبب الحرارة التي تلهب وجدانه، لا ولن يتنازل عن أمل الانتصار، واستعادة أرضه السليبة ظلما وعدوانا، بتواطؤ الغرب الشيطان مع الحركة الصهيونية.
من جهة ثانية، إن الخنوع والذل والعطالة وقسوة الحياة، تدفع جيلا آخر للهروب من أرض الأباء والأجداد، معرضا نفسه لموت محقق، بين أمواج البحر وقبضة الغرباء، من أجل البحث عن لقمة العيش، في جغرافية أخرى، حتى وإن كانت مغموسة في الذل والإذعان، تاركا وراءه كرامته، ومخلفا الأسرة المنكوبة، وشلة الأصدقاء والمعارف الآسفين. فهل سيحقق هدفه، أم سيرجعونه مكبلا مذلولا يجر ذيول الخيبة؟.
تلكم كلماتي المعذبة، الحيرى حروفها بين معاناة جيل، من عالم يسمونه استصغارا (العالم الثالث).
أمينة بنونة