اختار شعراء فقرة “الكلام المرصع”، وهي الفقرة الشعرية التي تنظمها دار الشعر بمراكش احتفاء بالقصيدة الزجلية المغربية، عصر يوم الجمعة (09 أبريل) أن يقدموا رؤى مختلفة لهذا المنجز الشعري المغربي، إذ وسم كل شاعر قصيدته بسمات تستمد مرجعياتها من المكان والمعجم وزمنها الخاص. وشهدت فقرة الكلام المرصع مشاركة الشعراء: محمد نجيب المنصوري وفايزة حمادي وعبدالرحيم ادريوشي، وحضر فنان الملحون عبدالجليل هشكاري، في المصاحبة الموسيقية. هذه النافذة الشعرية المفتوحة دوما على الزجل المغربي، وعلى مختلف تجاربه وحساسيته، ضمن منجز شعري أمسى اليوم، في وضعه الطبيعي داخل المشهد الثقافي والشعري في المغرب. ولعل تخصيص فقرة خاصة، الى جانب مشاركات الشعراء ضمن الفقرات الشعرية لبرامج الدار، محاولة ضافية لمزيد من الاقتراب من جماليات هذه النصوص التي تلامس وجدان المتلقي.
واختار الشاعر الدكتور محمد نجيب المنصوري، أن يقرأ من ديوانه “ميزان لمعاني”، عن وجع الحرف الذي يدفع صاحبه للكتابة، وعن القلق الذي يسكن الأفئدة، عن الذات واغترابها. وهكذا سافر الشاعر، من خلال نصوصه، في “ميزان” زجلي متعدد يفرش من الحكم والأمثال أفقا لمنجزه الشعري. ويعتبر الدكتور محمد نجيب المنصوري أحد الوجوه اللافتة في المشهد الثقافي المراكشي، من خلال ما راكمه من تجربة غنية في الكتابة الزجلية والموسيقى والرسم الى جانب اهتمامه بالثقافة الشعبية.
اتجهت الشاعرة فايزة حمادي، والتي وسمها الشاعر إدريس أمغار المسناوي ب”الزجالة الحديدية” صاحبة دواوين “مرمة الكلام”، و”شلا”..، الى مسار مختلف. نصوص نابضة بحس الراهن، معجما ورؤى وتيمات، من خلال صياغات تقتفي نبض المتلقي، وتسمي “المفارقة”. الشاعرة فايزة حمادي، وهي تصيغ من “العامية اليوم” ألفاظا جديدة، تضمها الى النص الزجلي. وعي بأسئلة الراهن، واختيار لانفتاح القصيدة الزجلية المغربية، على “حداثتها” الخاصة، بموازاة هذه النبرة “الساخرة” التي أضفت ميسما خاصا على قصيدتها.
ختم الشاعر والكاتب عبدالرحيم ادريوشي، والذي خاض تجربة “الشعر الغنائي” من خلال منجز شعري تراكم لسنوات، ديوان “الكلام المرصع” بالعودة الى الذاكرة. نصوص من ذاكرة ادريوشي الشعرية، والتي تستدعي أسماء وشخصيات وفضاءات انمحت اليوم. لغة “المابين”، والتي تجعل من قصائد ادرويشي قريبة من نمط الغنائي وسلسلة التداول. واختتم الشاعر ادريوشي قراءاته بنص “الكرسي”، في سخرية لاذعة، تحاول أن تشكل “كاريكاتوريا” لحظتها.
وهكذا واصلت دار الشعر بمراكش تنويع فقرات برمجتها الشعرية، لتعمق من استراتيجية الدار، والتي أمست تعيد التأكيد على حاجتنا للشعر اليوم في منظومتنا المجتمعية. وستتواصل مستقبلا ، هذه البرمجة الغنية، التي تعمق من انفتاح الشعر وحواريته على مختلف أنماط الطرق الإبداعية، كما تزيد من الانفتاح على التجارب الشعرية والحساسيات المختلفة في القصيدة المغربية المعاصرة. ودائما، في ظل حرص دار الشعر بمراكش على تجسير التباعد الاجتماعي، بين الشعراء والنقاد والفنانين والمتلقي شعريا. تأتي هذه الفقرة الجديدة من “الكلام المرصع” للدار، كي ترسخ أفق الأمل الذي يفتحه الشعر للإنسانية في زمن الجائحة، وهي محطة أخرى لمزيد من الإنصات لراهن المنجز الشعري المغربي، وأصواته الجديدة.