الحسين خبشي وغيره من الإعلاميين المتمرسين بإذاعة طنجة ومختلف الإذاعات الجهوية، يبذلون مجهودات كبيرة في إعداد البرامج وتنشيطها والبحت المستمر عن ضيوف لتأثيث فضاءاتها بخبراتهم ومعارفهم المختلفة.. لكن مجهودات هؤلاء الصحافيين “المناضلين”، تذهب أحيانا سدى، في غياب الإمكانيات الضرورية والشروط التحفيزية للقيام بواجباتهم المهنية على الوجه الأكمل، وفي غياب تسويق عقلاني ومهني لمنتوجاتهم على نطاق واسع. فلم يعد كافيا في زمن الرقمنة الحالي الاقتصار فحسب على بث برامجهم الناجحة جدا على أمواج المؤسسات التي يعملون بها، ولكن ينبغي التفكير بجدية في أساليب جديدة لتوسيع دوائر الإنصات لهذه البرامج والتعريف بها وبمحتويات حلقاتها الأسبوعية عبر التسويق الجيد لها إلكترونيا.
من البرامج الفنية التي أحاول تتبع حلقاتها بانتظام، رغم صعوبة ذلك في غالب الأحيان، أذكر بالخصوص برنامجي “من فنون الفرجة” للصديق الحسين خبشي و”ذكريات عبرت” للصحافي المحنك حميد النقراشي.
ما لاحظته على برنامج “من فنون الفرجة”، المتخصص في السينما والمسرح، أن كل حلقاته الأخيرة على امتداد شهر أو يزيد خصصت للحديث عن السينما من جوانب عدة عبر استضافة نقاد وباحثين وجمعويين (الدكتور رشيد نعيم نموذجا) ومديري مؤسسات تكوينية (الدكتور عبد الرزاق الزاهر، المدير الحالي للمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالرباط نموذجا)، باستثناء حلقة الأسبوع الحالي (أعيد بثها في الرابعة صباحا من يوم الجمعة 9 أبريل 2021) التي استضافت الدكتور عمر حلي بمناسبة إلقاءه مؤخرا لدرس افتتاحي حول “التعليم الفني بالجامعة المغربية: التحديات والرهانات” بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط. وكانت هذه الحلقة بحق دسمة وغنية بالمعطيات والأفكار، توفق فيها الدكتور حلي ومحاوره الإعلامي النشيط والخلوق خبشي في وضع الأصبع على واقع الدرسين المسرحي والسينمائي بالجامعة المغربية وما يطغى على هذين الدرسين من طابع نظري بعيد كل البعد عن واقع الممارسة الميدانية وسوق الشغل.
لكن ما حز في نفسي ولا يزال هو أن هذه الحلقة المهمة من برنامج “من فنون الفرجة” وغيرها لا يتاح الاستماع إليها مرات أخرى عبر رابط إلكتروني يكون في متناول الجميع، خاصة وأن البرنامج يبث في توقيت لا يناسب كل الناس وعلى رأسهم الطلبة والأساتذة وعشاق السينما والمسرح والممارسين لهما والمتتبعين للحركة الفنية ببلادنا وغيرهم، وذلك لأن كل حلقة منه تبث أولا صباح كل أربعاء في الساعة 11 ويعاد بثها صباح الجمعة في الساعة الرابعة. وهنا أتساءل: أليس بمقدور إذاعة طنجة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أن يكون لكل منهما موقع إلكتروني في المستوى المطلوب مهنيا، يوفر متابعة كل البرامج المنتجة من طرفهما في كل وقت وحين؟ أليس بمقدورهما إحداث صفحات خاصة على الفايسبوك وباقي وسائط التواصل الإجتماعي لتسهيل عمليات التواصل بين المرسل والمرسل إليه؟
أتمنى أن تؤخذ هذه الملاحظات بعين الاعتبار، خصوصا وأن إذاعة طنجة ستصبح ابتداء من فاتح رمضان القادم إذاعة تبث برامجها بدون توقف 24 ساعة على 24.
ما لاحظته على برنامج “من فنون الفرجة” يسري أيضا على برنامج مماثل بعنوان “سينما ومسرح”، تعده وتنشطه الصحافية المتمرسة خديجة الباب ويتم بثه على أمواج إذاعتنا الوطنية من الرباط كل أحد في التاسعة ليلا. فهذا البرنامج يبدو أنه أصبح متخصصا في السينما فقط من جراء ما لاحظناه من تهميش للفن المسرحي في حلقاته الأخيرة.
أحمد سيجلماسي