توصلت “طنجة الأدبية” ببلاغ من طرف “النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين” تنعى فيه الفنان التشكيلي المغربي ورائد الفن الحديث محمد المليحي، وهذا نصه:
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره نودع قامة فنية كبيرة في تاريخ الحركة التشكيلية محمد المليحي، الفارس الذي ترجل بعد مشوار طويل حافل بالعطاء . عزائنا فيك واحد أيها الفنان النبيل. إنا لله وإنا إليه راجعون .
برحيل الفنان المغربي محمد المليحي ، الأربعاء 28 أكتوبر، يكون المغرب والعالم قد فقدا أحد العلامات البارزة والمجددة في سجل الحركة التشكيلية المغربية، والتي أثرت بشكل جلي في تطوير الممارسة الفنية الحديثة إقليميا وعربياً وقاريا.
يعد محمد المليحي رائدا من رواد الحداثة من الرعيل الأول في المغرب، رأى النور بمدينة أصيلة يوم 22 نونبر 1936. في سنة 1953 التحق بالمدرسة التحضيرية للفنون الجميلة بتطوان، ولم يغادرها إلا سنة 1955 حيث حصل على منحة لاستكمال دراسته باسبانيا، حيث اختلف إلى أكاديميات عريقة بأشبيلية ومدريد، وبعد استقلال المغرب بسنة واحدة، حصل محمد المليحي على منحة جديدة للدراسة بإيطاليا بأكاديمية الفنون الجميلة بروما، حيث تمرس على تقنية الكولاج التي يظهر تأثيرها بجلاء في باكورة معارضه بالخزانة الأمريكية بمدينة طنجة سنة 1958. حل بالولايات المتحدة الأمريكية، وعمل أستاذا مساعدا بمعهد الفنون بمنيابوليس، مينيسوطا، بأمريكا، كما أقام بنيويورك التي كانت بين الخمسينات والستينات محضنا لتجارب ومشارب جمالية بالغة الغنى والتعدد ومركزا فنيا نشطت به صالونات العرض ونشط سوق الفن وزاد الإقبال على التجريد الفني في ملمحه التعبيري العفوي وفي حلته الهندسية الصارمة وقد عرض أعماله الفنية بمتحف الفن الحديث بنويورك. رجع محمد المليحي إلى المغرب بصورة نهائية سنة 1964 ليستقربه، ويلتحق كمدرس للصباغة والنحت والتصوير الفوتوغرافي، بمدرسة الفنون الجميلة بالبيضاء بعد أن امتدت رحلته المعرفية ،خارج المغرب، ما يقرب من عقد من الزمن 1955 إلى 1964.
أسس محمد المليحي بمعية محمد شبعة جماعة “ألجيبر « Algèbreبمدينة طنجة. كما
ساهم سنة 1965 إلى جانب بلكاهية وشبعة وأطاع الله وحميدي و مصطفى حفيظ وطوني ماريني وبيرت فلانت في تأسيس حلقة “65”، وذلك من منطلق قناعة ثقافية والتزام فكري مسؤول.
ساهم أيضا إلى جانب عبد اللطيف اللعبي ومصطفى النيسابوري في تأسيس مجلة أنفاس SOUFFLE, وكان ذلك سنة 1966.
1968: وضع المليحي نصبا تذكاريا بمناسبة الألعاب الأولمبية بمدينة ميكسيكو.
1969: ساهم المليحي بمعية رفقته الفنية بحلقة “65” بتنظيم معرض جامع الفنا الذي كان بحق مأثرة حداثية وطليعية.
1970: اعتمد محمد المليحي الموجة كعلامة إيقونوغرافية مائزة وكموضوعة جمالية أثيرة في خطابه البصري.
1971: أصدر المليحي بتعاون مع كل من طوني ماريني والطاهر بنجلون ومصطفى النيسابوري مطبوعة ” انتجرال” INTEGRAL التي توقفت عن الصدور سنة 197.
1972: كان من ضمن مؤسسي الجمعية المغربية للفنون التشكيلية.
1974:كان من ضمن المؤسسين لشوف SHOOF وهي دار نشر وإصدار للكتابات الفنية وإنتج الأعمال السينمائية.
1978: أسس بمعية محمد بنعيسى مهرجان أصيلا الذي عرف بلقاءاته الفنية الكبيرة وجدارياته المثيرة.
1978-1992: عين مديرا للفنون بوزارة الثقافة.
1988-1992: انتدب محمد المليحي قيما عاما على الجناح المغربي بمعرض 92، بمدينة اشبيلية، اسبانيا.
1999-2002: عين مستشارا ثقافيا بوزارة الخارجية والتعاون، المغرب.
2003: أعيد انتخاب المليحي رئيسا للجمعية المغربية للفنون التشكيلية بعد ولاية ( 1976-1982).
2008: وشحه جلالة الملك محمد السادس بوسام الإستحقاق.
2013: عرضت بعض أعماله بمتحف جورج بومبيدو، بفرنسا.
لقيت أعماله شهرة بمختلف أروقة ومتاحف العالم.
يقول فيه الناقد الجمالي د. محمد الشيكر في كتابه “محمد المليحي: سيرة ومنجز” “يعتبر اسم محمد المليحي جزءا لا يتجزأ من الحداثة الإستتيقية في المغرب الثقافي المعاصر، وإن لم يكن يمثل وعيها الجمالي اليقظ، وصوتها الطليعي الأكثر. فاعلية والأوسع حضورا. فلم يكن، شأنه شأن أصدقائه في حلقة “65”، يمثل الحداثة بوصفها ذلك الإبيستمي الجمالي المقترن بالغرب والموقوف عليه، بل عائقها باعتبارها موقفا جماليا ونمطا وجوديا وحضاريا يؤسس فيه الفنان علاقة مغايرة مع الذات والتراث من جهة، ومع الغير والعالم من جهة ثانية.” وبرحيل الفنان الفقيد، يكون فن التشكيل بالمغرب والعالم، قد فقد أحد رواده الكبار، فيما ستظل أعماله وإنجازاته الرائدة خالدة في ذاكرة الفن التشكيلي العالمي.
رحم الله الفنان الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وأصدقاءه ومحبيه وأسرة الفن التشكيلي في العالم، جميل الصبر وحسن العزاء.
إنا لله وإنا إليه راجعون.