تحت عنوان “العالم الشعري عند سعيد عبيد” نظم الصالون الأدبي بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة جلسة نقدية عشية السبت 29 فبراير 2020، بمشاركة كل من الشاعر الناقد الزبير خياط، والدكتور مصطفى سلوي، وبتسيير الشاعر محمد علي الرباوي.
في البداية تناول الزبير خياط في محاضرته التي كانت تحت عنوان “لزوم المعنى والمبنى في ديوان (كتاب الورد ويليه قرابين الكرامة) لسعيد عبيد” خصائص الكتابة الشعرية لجيل الشاعر سعيد عبيد التي تميزت بحضور المقول ضمن جمالية القول. ثم تناولت محاور المداخلة على الترتيب: لزوم المعنى، ولزوم الوزن، ولزوم شعرية اللغة؛ فالشاعر سعيد عبيد من شعراء الفكرة والرسالة، بعيدا عن الهتافية والوعظ، وهو كذلك يلتزم العروض العربي ضمن الشكلين التفعيلي والعمودي، ثم هو ملتزم بلغة حداثية قائمة على التناص والرمز والانزياح والتصوير. وختم المتدخل محاضرته بالتنبيه إلى تفريط المؤسسات الثقافية الوطنية في جيل شعري مميز في الشرق المغربي من خلال إقصائه في النشر والإعلام وتمثيل المغرب في ملتقيات الشعر الوطنية.
بعد ذلك اختار الأستاذ مصطفى سلوي الوقوف عند النهج الرسالي في شعر الشاعر سعيد عبيد من خلال كتاباته (“مكابدات في الطريق إلى النور” و”الإهانة” و”كتاب الورد ويليه قرابين الكرامة”) في مداخلة له تحت عنوان “المقصد الرسالي في كتابات الشاعر سعيد عبيد”. ولأجل إدراك هذا المبتغى مهَّد المحاضر لذلك بوقفة عند واحدة من خصوصيات الشعر العربي قديمه وحديثه، تلك الخصوصية التي دعته إلى تقسيم الشعر العربي الى رؤيتين: رؤية ضيقة احتفى فيها الشعراء بذواتهم وذوات الآخرين من حولهم كما في الأغراض الشعرية المعروفة، ورؤية موسعة عانق فيها الشاعر خالقه وقضايا أخيه الإنسان وقضايا المجتمع والوطن والأمة والإنسان الكوني بعامة. ثم خلص بعد ذلك إلى الوقوف عند علاقة الشاعر سعيد عبيد بالشعر، راسما تلك العلاقة انطلاقا من أمور أربعة هي أنه أولا شاعر قارئ متميز لأشعار القدامى والمحدثين، وأنه ثانيا شاعر عارف بصناعة الشعر لغة وصورة وايقاعات، وأنه ثالثا شاعر تربى في مدرسة الأخلاق السامية العليا؛ أخلاق الدين الإسلامي ومحبة رسول الله ‘صلى الله عليه وسلم)، ثم محبة الناس جميعا، وأنه رابعا شاعر أحسن بذكاء اختيار نهجه الشعري.
أما الأمر الثالث الذي وقف عنده المحاضر فيكمن في تقسيمه رسالية الشعر لدى الشاعر سعيد عبيد إلى مستويات خمسة هي على التوالي: المنحى التأملي الإلهي الذي جسد فيه الشاعر علاقته بخالقه، والمنحى التوجيهي التعاوني الذي وقع فيه الشاعر على علاقته بأخيه الإنسان، وذلك من خلال الوقوف عند قضايا المجتمع، والمنحى القيمي الذي عبر فيه الشاعر عن جملة مما وجب التحلي به من أخلاق، والمنحى النقدي الذي عانق فيه الشاعر قضايا الوطن العربي الاسلامي، وأخيرا المنحى الكوني الذي انسلخ فيه الشاعر من ذاته ليعانق كونية الإنسان في جوهر وجوده الخالد.
وختم الأستاذ مصطفى سلوي مداخلته بالوقوف عند معينات النهج الرسالي لدى الشاعر سعيد عبيد حاصرا إياها في خمسة مُعيِّنات هي: مُعيِّن النص القراني الكريم، والمعين التاريخي، والمعين القصصي/ الأسطوري/ والرمزي، والمعين القيمي، والمعين السردي/ الحكائي. وفي الختام اعتبر الأستاذ مصطفى سلوي الشاعر سعيد عبيد واحدا من الشعراء الكبار الذين يحترقون لأجل جعل الشعر ذا رسالة؛ فهو شاعر رسالي بامتياز، كبير بفنه وأخلاقه وإخلاصه لنهجه.
وبعد حوار الحضور مع الشاعر حول اتجاهه الفني، وطقوس الكتابة عنده، ومفاهيم المعنى والأخلاق وقضيته الشعرية وغيرها من القضايا الأدبية ذات الارتباط شنف أسماع الحاضرين ببعض منجزه الشعري الذي وصفه الشاعر محمد علي الرباوي بأنه “متميز، يغرد خارج السرب والمألوف، وبأن شعره شعر الذات والأمة، وليس مجرد تهويمات لغوية”.
طنجة الأدبية