الرئيسيةأخبار” لقاء تقديم ديوان “صهيل الريف” لأحمد بن شريف أسئلة الذات والوجود

” لقاء تقديم ديوان “صهيل الريف” لأحمد بن شريف أسئلة الذات والوجود

احتفت مؤخرا بمقرها في جماعة بني بوفراح ، التابعة للحسيمة جمعية بني بوفراح للتنمية والتعاون بالكاتب والروائي والشاعر أحمد بن شريف ؛ حيث تم تقديم ديوانه الشعري ، الصادر عن دار النشر أبعاد متوسطية بطنجة في طبعة أنيقة ، تزينها لوحة للتشكيلية شمس صهبان . الديوان الشعري الموسوم ب”صهيل الريف” يقع في 78 صفحة من الحجم المتوسط ..وهو بالمناسبة التجربة الأولى من نوعها وجنسها الأدبي ؛ أي جنس الشعر بالنسبة للكاتب . بدأ أحمد بن شريف الكتابة اعتبارا من مطلع ثمانينيات القرن الماضي ؛ حيث صدرت له المجموعة القصصية “الفئران المكعبة” عن دار قرطبة بالدار البيضاء عام 1993 كما صدرت له المجموعة القصصية الثانية “شموس طنجة” ، و”أوراق الجنوب” وهي كتابة سردية ؛ صدرت عن وكالة شراع التي كان يديرها الإعلامي الراحل خالد مشبال . هذا فضلا عن صدور روايته “قلاع طريس في بحر سنة 2009 عن دار النشر أبعادمتوسطية بطنجة.


. اللقاء ساد فيه حوار حميمي باذخ ، شاركت فيه فعاليات ثقافية وجمعوية محلية ، عرضت في تدخلاتها واستفساراتها إلى الخلفيات الثقافية والاجتماعية التي أطرت المجموعة الشعرية ، ورفدتها بالعناصر الأساسية للوجود هنا وهناك . تجدر الإشارة إلى أن جل التدخلات سلطت الضوء – وبكثير من الفضول الجميل – على أهم العتبات التي توقفت عندها النصوص الشعرية للشاعر المنتمي ثقافيا ووجدانيا لنفس البلدة ، ولعل أهم العتبات تلكم المتصلة بالطفولة وأيام الصبا .هذه الأخيرة شكلت وتشكل المرجعية الأساس التي ساءلها الشاعر بمجازاته واستعاراته اللامتناهية ..بحثا عن أفق جمالي محتمل ! عتبة الطفولة ممهورة بطراوة الأسئلة التي تأتي من عناصر ومكونات الطبيعة الساحرة والأخاذة ، رغم جذبها وقحطها في أحايين كثيرة ..نعني بذلك كل مكونات البيئة التي أسهمت في بناء وتشييد متخيل الشاعر من ماء وهواء وشجر وشمس وطيور ووديان وأحراش الخ . الديوان الشعري بعيد وقريب في الآن الواحد عن تلك الأنا الغنائية الباذخة التي تؤشر عليها النصوص من قبيل : “نشيد الأرض” و “سفر البراري” و ” رائحة الخزامى” و سواها من النصوص الأخرى التي اشتمل عليها الديوان ، بحيث نقرأ في الصفحة 37 ما مؤداه :
” تحت وسادة قريتي/
ينام الوروار/
ونجلي الصخر مساء
ثم ننام /
ننهي شرابنا كي تنطفئ الشموع/
” كما نقرأ في الصفحة 49 ما نصه :
“يفر الجحش من رائحة الأتان
يحدق بعنف في هذا الصمت المتناسل/
يزفر جيئة وذهابا ويتملى شساعة المروج/
يتملى الشمس الضاحكة”/
تحضر الأنا الغنائية عبر صوت راو محتمل ؛ يجري مجرى المياه في الأنهار بالريف ساعة الخصب.
قارئ المجموعة الشعرية سرعان ما يجد نفسه محاصرا بالأسئلة التي تطوح بها النصوص المجدولة من كيمياء الأرض ..فلا تلبث هذه النصوص تخرج من عليائها ، حتى تنخرط – وبكل قوة – في عملية نحت أفقها الجمالي ؛ المضمخ بسيمات معجمية وصوتية ودلالية ، يجدل الشاعر وبلغته الخاصة وأسلوبه السلس والرشيق أحيانا والمتمنع المستغلق أحيانا أخرى سمتها..لكن بعيدا عن التمحل !
تجدر الإشارة أيضا إلى أن “صهيل الريف” ، حسب الشاعر ، اجتمعت في نصوصه العديد من الأشياء المنتمية إلى المجال الجغرافي المفترض . في أبعاده الرمزية والتاريخية ..وانتهت إلى صوغ شعري ، يعيد بناء الوجدان المشترك ؛ الممزوج بالأحلام والطموحات والانكسارات البشرية في ربوع وجغرافيات الريف المتمنعة . المتخيل الشعري في “صهيل الريف” يشي بالاستعارات المفتوحة على الأزمنة والأمكنة المتجددة تجدد الوجود البشري فوق هذه الأرض التي تؤمنا جميعا.
كل هذا وذاك ، يتغيى بناء أفق شعري ؛ ذي هوية مترامية الأطراف ؛ قادرة على رفد الإنسان بما يلزم من طاقة كيميائية مضاعفة ؛ تتولى وظيفة حماية ذاكرته الجمعية من التشظي والاندثار وبكل اللغات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *