بين جدلية الدّفاع عن اللغة العربية، كواحدة من اللغات التي تحتل مرتبة جِـدُّ متقدمة بين اللغات المُتداولة (المَرتبة السّادسة عالميا)، كما تشير إلى ذلك بعض الدراسات التي قامت بها أكثر المَعاهد رَصانة وتحكيمًا ومصداقية في العالم، وحمايتها بوصفها لغة هشة وضعيفة ومتخلفة أو مُهدّدة بالانقراض حتى، كما يحلو للبعض أن يصفها، دأبت كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس على الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية كل سنة، وتكريم أحد خُدّامها وأعلامها والمخلصين لها من المدرّسين والباحثين الذين قدموا لها الشيء الكثير.
هذه السنة، وقع الاختيار على الدكتور الباحث محمد الولي ابن الناظور وأستاذ الأجيال، وهو كما نعرف البلاغي الحكيم والعالم اللغوي الكبير، ليكون مُكَـرَّمَا في يوم الثلاثاء 18 دجنبر 2019م، الذي يصادف العيد العالمي للغة الضاد، كما صنفته منظمة اليونسكو نفسها وخصَّصت له هذه السنة رَسْـمًا على شكل قلب يضم حوالي 40 لفظا لكلمة حبّ، وهو بالمناسبة كذلك من طلبة جامعة سيدي محمد بن عبد الله الأوائل، الذي جاءها من جبال الريف الشامخة وأحد أقطابها وقيدوم المُدرّسين فيها، إضافة إلى كونه أحد الرُّؤيويّين والمَهوُوسين بالاستعارة والبلاغة الجديدة والبحث فيهما، وله عدة مؤلفات في هذا المجال.
الاحتفاء جاء على مرحلتين، الأولى في الفترة الصباحية والثانية امتدت إلى حدود ساعات متأخرة من المساء، قدمت خلال الفترتين معًا عروضٌ ومداخلاتٌ علمية بالمناسبة وكلماتٌ في حق المحتفى به.
احتضنت هذا الحفل البهيج القاعة الكبرى للندوات التابعة للكلية، الذي تمّ بشراكة بين شعبة اللغة العربية بالكلية وبتعاون مع الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية في شخص رئيس فرعها بفاس الأستاذ الدكتور أحمد العبدلاوي، حضر هذا الحفل الذي احتضنته القاعة الكبرى للندوات التابعة للكلية عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس بها الدكتور سمير بوزويتة ونائبه الدكتور عبد الإله قيدي ورئيس شعبة اللغة العربية بالكلية الدكتور محمد شكري عراقي، إضافة إلى الدكتور أحمد العلوي العبدلاوي رئيس فرع فاس للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، بشراكة وتعاون معها وبين شعبة اللغة العربية بالكلية، مع إلقاء كلمة الأستاذة جرية حاجي رئيسة الجمعية المغربية لخدمة اللغة العربية، وبحضور أساتذة متخصِّصين في البلاغة من الكلية ومن خارجها قدموا مداخلاتهم العلمية وأدلوا بشهاداتهم الصادقة في حق المحتفى به، مع حضور جمهور من الطلبة والطالبات ووجوه ثقافية بالمدينة.
وفي الختام قدمت في حق المحتفى به شهادات جدّ مؤثرة، سواء من بعض طلبته أو أصدقائه في التدريس بالجامعة، بدأها الشاعر محمد يعيش قيدوم المدرسين بكلية سايس فاس جملة جدُّ مؤثرة: “لا يمكن ان ندَّعي الجمال في حضرة يوسف”، واختتم الحفل بورقة علمية مطوَّلة للمُحتفى به في موضوع:” المُحَسِّـن بين البلاغة والشعرية”، جاء فيها أنه “بدون استعارة يبقى الأطفال عُـرضة للتسطيح”.
الدكتور محمد الولي هو إنسان عفوي في تعامله وبسيط في مظهره، كل من يعرفه هو تلميذ له، قرأت له سابقا وكنت أسمع به له وإن لم ألتق به يومًا، لكن حينما حصل، وجدت أنني أعرفه من فترة طويلة، وتعلمت منه دروسًا كثيرة دُفعة واحدة، من خلال ثلاث مُداخلات مَحسومة وبعض كلماته المَحسوبة لكنها وازنة، لا انسياب في كلامه ولا حشو، لكن فيه بلاغة وإيجاز، كيف لا وهو أيقونة البلاغة العربية ورئيس شعبة سابق.
ادريس الواغـيش