بعد سنتين من الكد والجد حصل أحمد على شهادة الماستر، اتصل بزميله الذي يشتغل وإياه في المؤسسة التعليمية نفسها، وسبقه في الحصول على الشهادة، بادره بالسؤال عن الترقية والوثائق المطلوبة، وعن تغيير الإطار بالشواهد، فرد عليه قائلا: “قريبا ستترقى صديقي، لا تستعجل، انصرفْ إلى قضاء عطلتك، وانس الموضوع، ولا تتذكره إلا بعد الدخول المدرسي، إذاك سيحتفلون بك أيما احتفال، وسيكرمونك تكريما يليق بك، وبما حققته من نجاح”.
ــ أو مكرمي هم؟
ــ بالطبع صديقي، وزارتنا تحترم الكفاءات وتقدرها أيما تقدير، ولا تذخر جهدا في إظهار كرمها الحاتمي تجاه موظفيها الحاصلين على الشواهد.
ــ كم يبدو جميلا سمت وزارتنا، لقد شوقتني يا صديقي إلى هذه اللحظة، أرجو أن تمر العطلة سريعا لأظفر بهذا التتويج، أريد أن أعرف في أي مكان يكون هذا الاحتفاء، وبأي طريقة يقام.
ــ سيحتفلون بك وبأمثالك أمام مقر الوزارة، حينما ستذهب إلى هناك مطالبا بترقيتك، وستتكفل عناصر القوات المساعدة بتقديم الهدايا الثمينة إليكم؛ هراوات ستنزل على رؤوسكم حتى يسيل دمها، تكريما لها على حسن الاختيار، ستوبخها الهراوات على اقترافها جريمة التكوين المستمر في زمن النوم المستمر والجهل المستمر، ستنهال الهراوات على كل قطعة من أجسامكم ساهمت في إتيان المحظور؛ ستُضرَبُ الرجل التي مشت، واليد التي كتبت، والجمجمة التي فكرت وقدرت….لا تخف صديقي، لن يتركوك تصارع الموت في الشارع، ستحملك سيارات إسعافهم لتموت في مستشفياتهم، وسيخرجون بيانا يتبرؤون فيه منك، ومن موتك، ومن صلابة دماغك الذي فر من الحياة ودفن نفسه بين الكتب، وفر منها ثانية، وإلى الأبد حينما اعتدى على هراوات القوات المساعدة وكسرها تباعا إلى أن شرخت قطعة منها رأسك، فجنيت على نفسك، سيتهمونك بالجنون والطيش، وبالإساءة إلى الوطن، وقبل أن يُواري جثمانَك الترابُ ستحمل معك جائزة أخرى إلى العالم الآخر، سيستصدرون ضد روحك الناشزة قرار إدانة لم يسمع بمثله الأوائل والأواخر.
نورالدين الطويليع – المغرب