عبد الرحمن شكري (12 أكتوبر 1886م – 1958م)، شاعر مصري من الرواد في تاريخ الأدب العربي الحديث، فهو ثالث ثلاثة من أعمدة مدرسة الديوان التي وضعت مفهوماً جديداً للشعر في أوائل القرن الميلادي الماضي، أما صاحباه فهما العقاد والمازني.
كان عبد الرحمن شكري شاعراً مجدداً ومفكراً أصيلاً حريصاً على اللغة العربية الفصحى، كما كان ناقداً لعبت آراؤه النقدية دوراً كبيراً في الأدب العربي الحديث، ووجهته نحو وجهة تجديدية بناءة.
ولد عبد الرحمن شكري في مدينة بورسعيد، إحدى مدن مصر، في الثاني عشر من أكتوبر عام 1886م، وتعلم في طفولته في كتّاب الشيخ محمد حجازي ثم في مدرسة الجامع التوفيقي الابتدائية – أول مسجد رسمي ببورسعيد – وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1900، ثم انتقل إلى الإسكندرية فالتحق بمدرسة رأس التبن الثانوية ومنها حصل على شهادة البكالوريا عام 1904 التي أهلته للالتحاق بمدرسة الحقوق في القاهرة، ولكنه فصل منها لاشتراكه في المظاهرات التي نظمها الحزب الوطني في ذلك الوقت لإعلان سخط المصريين على الاحتلال البريطاني لمصر ووحشية الإنجليز في حادثة دنشواي.
في عام 1906 انتقل شكري إلى مدرسة المعلمين العليا وتخرج فيها عام 1909 وكان متفوقاً، ولاسيما في اللغة الإنجليزية، فتم اختياره في بعثة إلى جامعة شفيلد بإنجلترا، فدرس فيها خلال ثلاث سنوات الاقتصاد والاجتماع والتاريخ والفلسفة إلى جانب اللغة الإنجليزية وعاد منها عام 1912.
تعارف شكري والمازني وهما في مدرسة المعلمين العليا، وكان شكري قد أصدر ديوانه الأول «عند الفجر» وهو طالب عام 1909، وبعد عودته من إنجلترا قدمه المازني إلى صديقه العقاد فتصادقا وتزعم ثلاثتهم (شكري والعقاد والمازني) اتجاه الدفاع عن التجديد في الشعر والأدب، وأطلق عليهم مدرسة الديوان نسبة إلى كتاب الديوان الذي وضعه العقاد والمازني ولم يشترك فيه شكري، بل تضمن الكتاب نقداً لشكري بقلم صديقه المازني. وقد استمدت هذه المدرسة الأدبية مبادئها من معين الأدب الإنجليزي.
بعد عودته من إنجلترا عين بالتعليم الثانوي مدرساً للتاريخ واللغة الإنجليزية والترجمة ثم ناظراً فمفتشاً إلى أن أحيل للمعاش حسب طلبه سنة 1938، أي بعد حوالي ستة وعشرين عاماً قضاها في خدمة التربية والتعليم في مصر، ولخروجه إلى المعاش قصة، فلقد وقع عليه ظلم وظيفي منعه من الترقي، لأنه كان قد نظم قصيدة بعنوان «أقوام بادوا» فغضب رؤساؤه عليه وصاروا يحرضون عليه لأنهم ظنوا أنه يصفهم، فخرج إلى المعاش بمرتب بسيط لا يكفيه ولا يكفي من يعولهم، حيث كان يعول أسرة شقيقه في مرضه وبعد وفاته، وهذا ما جعله يعيش بلا زواج طوال حياته. لقد يئس شكري من عدالة الناس فأحرق جميع ما لديه من نسخ مؤلفاته ودواوينه، وأصيب بضغط الدم ثم بفالج الذي جعله يعتزل الناس والحياة حتى انتقل إلى جوار ربه في الإسكندرية يوم الاثنين الخامس عشر من دجنبر سنة 1958 مستريحاً من ظلم الناس له.